الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وقد حل من كل شيء إلا النساء فقط " .

                                                                                                                                            [ ص: 189 ] قال الماوردي : وجملة ذلك أن في الحج إحلالين يستبيح بالأول منهما بعض محظورات الإحرام ، ويستبيح بالثاني جميعها ، وفي العمرة إحلال واحد يستبيح به جميع محظورات الإحرام ؛ لأن العمرة أخف حالا من الحج ، وأقل عملا ، وإذا كان كذلك فقد تقدم الكلام أن الحاج يفعل يوم النحر أربعة أشياء : الرمي ، والنحر ، والحلق ، والطواف فنبدأ ببيان أحكامها ، ثم نبني عليه حكم الإحلالين ، فالرمي نسك يتحلل به ولا يختلف ، ونحر الهدي ليس بنسك لا يختلف به ، والطواف بالبيت نسك يتحلل به لا يختلف ، وفي الحلق قولان مضيا :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه نسك يتحلل به .

                                                                                                                                            والثاني : أنه إباحة بعد حظر ، وقد ذكرنا توجيه القولين ، فإذا ثبت هذا انتقل الكلام إلى إبانة الإحلالين ، وذلك مبني على ما تقدم ، فإن قلنا : إن الحلق ليس بنسك ، وإنما هو إباحة بعد حظر ، فالإحلال الثاني يكون بشيئين : الرمي ، والطواف ، فإن كان قد سعى قبل عرفة لم يلزمه السعي بعد هذا الطواف ، وإن لم يكن قد سعى بعد عرفة لزمه السعي مع هذا ، ولم يحل قبل السعي ، فإذا فعل السعي والطواف فقد حل إحلال الثاني ، ويكون إحلاله بالأول بأحدهما إما بالرمي وحده أو بالطواف وحده على حسب ما تقدم ، وإن قلنا : إن الحلق نسك يتحلل به فالإحلال الثاني أن يكون بثلاثة أشياء ، بالرمي والحلق والطواف ، فإذا فعلها فقد حل إحلاله الثاني ، ويكون إحلاله الأول بشيئين منها إما بالرمي والحلق ، أو بالحلق والطواف ، أو بالرمي والطواف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية