[ ص: 72 ] النظر الثاني : في المناسخات .
فإذا مات عن جماعة ، ثم مات أحدهم قبل قسمة التركة ، فللمسألة حالان . أحدهما : أن تنحصر ورثة الميت الثاني في الباقين ، ويكون إرثهم من الثاني مثل الإرث من الأول ، فتجعل الميت الثاني كأن لم يكن ، وتقسم التركة على الباقين ، ويتصور ذلك إذا كان الإرث عنهما بالعصوبة ، كمن مات عن إخوة وأخوات من الأب ، ثم مات أحدهم عن الباقين ، أو عن بنين وبنات ، ثم مات أحدهم عن إخوته وأخواته . وفيما إذا كان الإرث عنهما بالفرض في بعض الصور كمن ماتت عن زوج ، وأم ، وأخوات مختلفات الآباء ، ثم نكح الزوج إحداهن ، فماتت عن الباقين . وفيما إذا ورث بعضهم بالفرض وبعضهم بالعصوبة كمن مات عن أم ، وإخوة لأم ، ومعتق ، ثم مات أحد الإخوة عن الباقين . ولا فرق بين أن يرث كل الباقين من الثاني أو بعضهم ، كمن مات عن زوجة وبنين ، وليست أمهم ، ثم مات أحد البنين عن الباقين .
الحال الثاني : أن لا يكون كذلك بأن لا ينحصروا ، إما لأن الوارث غيرهم ، وإما لأن غيرهم يشركهم ، وإما لاختلاف مقادير استحقاقهم ، فنصحح مسألتي الأول والثاني جميعا ، وننظر في نصيب الثاني من مسألة الأول . فإن انقسم نصيبه على مسألته ، فذاك ، وإلا ، فنقابل نصيبه بمسألته المصححة ، إن كان بينهما موافقة ضرب أقل جزء الوفق من مسألة الثاني في جميع مسألة الأول . وإن لم يكن ضرب جميع مسألته في جميع مسألة الأول ، فما بلغ ، صحت منه المسألتان . وإذا أردت معرفة نصيب كل واحد من الورثة مما حصل من الضرب ، فقل : كل من له شيء من المسألة الأولى ، يأخذه مضروبا فيما ضربته في المسألة الأولى ، وهو جميع المسألة الثانية أو وفقها . ومن له شيء من الثانية ، يأخذه مضروبا في نصيب الميت الثاني من المسألة الأولى ، أو في وفق النصيب إن كان بين مسألته ونصيبه وفق .
[ ص: 73 ] مثاله : زوج وأختان لأب ، ماتت إحداهما عن الأخرى وعن بنت ، المسألة الأولى من سبعة ، والثانية من اثنين ، ونصيب الميت الثاني من الأول اثنان . زوجة ، وثلاث بنين ، وبنت ، ثم ماتت البنت عن أم وثلاثة إخوة ، وهم الباقون من ورثة الأول ، فالأولى من ثمانية ، والثانية تصح من ثمانية عشر ، ونصيب الميتة من الأول سهم لا يوافق ، فتضرب الثانية في الأولى ، تبلغ مائة وأربعة وأربعين ، للزوجة سهم مضروب في ثمانية عشر ، ولكل ابن سهمان في ثمانية عشر تبلغ ستة وثلاثين ، وللأم من الثانية ثلاثة مضروبة في سهم الميتة وهو واحد ، ولكل أخ خمسة ، فحصل للأم من المسألتين أحد وعشرون ، ولكل أخ أحد وأربعون . جدتان ، وثلاث أخوات متفرقات ، ثم ماتت الأخت للأم عن أخت لأم ، وهي الأخت للأبوين في المسألة الأولى . وعن أختين لأبوين ، وعن أم أم وهي إحدى الجدتين ، فالأولى من اثني عشر ، والثانية من ستة ، ونصيب الميتة من الأولى سهمان ، ونصيبها ومسألتها يتوافقان بالنصف ، فتضرب نصف مسألتها في الأولى ، تبلغ ستة [ وثلاثين ، كان للجدتين سهمان ، تضربهما في ثلاثة ، تبلغ ستة ، وكذا الأخت للأب ، وكان للأخت من الأبوين ستة ] تضربها في ثلاثة ، تبلغ ثمانية عشر ، ولها من الثانية سهم مضروب في وفق نصيب الميتة وهو سهم ، وللأختين للأبوين أربعة مضروبة في سهم ، وللجدة سهم في سهم ، فحصل للأخت الوارثة في المسألتين تسعة عشر ، وللجدة الوارثة فيهما أربعة .
فرع
لو مات ثالث قبل قسمة التركة ، فلك طريقان . أحدهما : تصحح المسائل الثلاث ، وتأخذ نصيب الميت الثالث من الأولين ، وتقابله بما صحت منه مسألته ، فإن انقسم [ ص: 74 ] نصيبه على مسألته ، فذاك ، وإلا فإن توافقا ضربت وفق مسألته فيما صحت منه الأوليان . وإن تباينا ، ضربت مسألته فيه . وعلى هذا القياس تعمل إذا مات رابع وخامس قبل القسمة . ثم من كان له شيء من المسألتين الأوليين أو من إحداهما أخذه مضروبا في الثالثة ، أو في وفقها ، ومن كان له شيء من الثالثة ، أخذه مضروبا في نصيب الثالث من المسألتين الأوليين ، أو في وفقه .
الطريق الثاني : أن تصحح كل مسألة برأسها ، وتقابل نصيب كل ميت بمسألته ، فمن انقسم نصيبه على مسألته ، فلا اعتداد بمسألته . ومن لم ينقسم [ حفظت ] مسألته بتمامها إن لم توافق نصيبه ، أو وفقها إن توافقا ، وفعلت بها ما تفعل بأعداد الأصناف المنكسر عليهم سهامهم من المسألة الواحدة ، فما حصل ضربته في المسألة الأولى ، فما حصل قسمته ، فتضرب ما لكل واحد من الأولى في العدد المضروب فيها ، فما خرج فهو له إن كان حيا ، ولورثته إن كان ميتا .
مثاله : زوجة ، وبنت ، وثلاثة بني ابن ، ثم ماتت البنت عن زوج ، وأخ لأم ، وأم وهي الزوجة ، ثم مات أحد ابني الابن عن زوجة ، وبنت ، وابن ابن ، وجدة ، وهي الزوجة في المسألة الأولى ، ثم مات آخر عن هذه الجدة ، وعن خمسة بنين وخمس بنات ، فالأولى من ثمانية ، والثانية من ستة ، والثالثة من أربعة وعشرين ، والرابعة من ثمانية عشر ، ونصيب البنت يوافق مسألتها بالنصف ، فترد مسألتها إلى ثلاثة ، فإذا معنا ثلاثة ، وثمانية عشر ، وأربعة وعشرون ، والثلاثة داخلة في أربعة وعشرين ، فتقتصر عليها ، وهي توافق ثمانية عشر بالسدس ، فتضرب سدس أحدهما في جميع الآخر ، تبلغ اثنين وسبعين ، تضربها في مسألة الميت الأول وهي ثمانية ، تبلغ خمسمائة وستة وسبعين ، ومنها تصح المسائل ، فمن له شيء من الأولى ، يضرب نصيبه في اثنين وسبعين ويقسم على ورثته .
[ ص: 75 ] زوجة وثلاثة إخوة ، ثم مات أحدهم عن ابنين ، والثاني عن ابنين وبنت ، والثالث عن ابن وبنت ، فالأولى من أربعة ، والثانية ، من اثنين ، والثالثة ، من خمسة ، والرابعة ، من ثلاثة ، والسهام لا توافق المسائل فتضرب المسائل الثلاث بعضها في بعض ، تبلغ ثلاثين ، تضربه في المسألة الأولى ، تبلغ مائة وعشرين ، للزوجة منها سهم في ثلاثين ، ولكل أخ كذلك . فما للأول لابنيه ، لكل واحد خمسة عشر . وما للثاني لابنيه وبنته ، لكل ابن اثنا عشر ، وللبنت ستة . وما للثالث بين ابنه وبنته له عشرون ، ولها عشرة .
فرع
هذا الذي ذكرنا تصحيح المناسخات . قال الفرضيون : وقد يمكن اختصار الحساب بعد الفراغ من عمل التصحيح ، وذلك إذا كانت أنصباء الورثة كلها متماثلة ، فترد المسألة إلى عدد رءوسهم ، وكذلك إذا كانت متوافقة بجزء صحيح ، فيؤخذ ذلك الوفق من نصيب كل واحد ، يقسم المال بينهم على ذلك العدد ، كزوجة ، وبنت ، وثلاثة بنين منها ، ثم مات أحد البنين عن الباقين ، فالمسألة الأولى من ثمانية ، والثانية ، من ستة ، ونصيب الميت الثاني سهمان يوافقان مسألته بالنصف ، فتضرب نصف مسألته في الأولى ، تبلغ أربعة وعشرين ، للزوجة ثلاثة ، وللبنت ثلاثة ، ولكل ابن ستة ، ومن نصيب الثاني للأم سهم ، وللأخت سهم ، ولكل أخ سهمان ، فمجموع ما للأم أربعة ، وللأخت كذلك ، ولكل أخ ثمانية ، فالأنصباء متوافقة بالربع ، فتأخذ ربع كل نصيب ، يبلغ المجموع ستة ، فتقسم المال عليها اختصارا . أما إذا لم يكن بين الأنصباء موافقة ، أو وافق بعضها فقط ، فلا يمكن الاختصار .