الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني : في اللفظ المستعمل في الموصى له ، وفيه مسائل .

                                                                                                                                                                        ( المسألة ) الأولى : في الوصية للحمل ، وقد سبق شرط صحتها .

                                                                                                                                                                        فالمقصود الآن بيان ما يقتضي اللفظ من حيث العدد والذكورة والأنوثة .

                                                                                                                                                                        فإذا قال : أوصيت [ ص: 167 ] لحمل هند بكذا ، فأتت بولدين ، وزع عليهما بالسوية ، ولا نفضل الذكر على الأنثى ، كما لو وهب لرجل وامرأة شيئا ، إلا أن يصرح بالتفضيل .

                                                                                                                                                                        ولو خرج حي وميت فالأصح أن الجميع للحي ; لأن الميت كالمعدوم .

                                                                                                                                                                        وقيل : للحي النصف ، والباقي لوارث الموصي .

                                                                                                                                                                        فرع : قال : إن كان حملها غلاما ، فأعطوه كذا ، وإن كان جارية ، فكذا ، واقتصر على أحد الطرفين ، فإن ولدت ذكرا أو أنثى ، فعل ما ذكر .

                                                                                                                                                                        وإن ولدت ذكرا وأنثى جميعا ، فلا شيء لواحد منهما ; لأنه شرط صفة الذكورة [ أو ] الأنوثة في جملة الحمل ، ولم يحصل .

                                                                                                                                                                        وإن ولدت ذكرين ، قال الغزالي : لا شيء لهما ; لأن التنكير يشعر بالتوحيد .

                                                                                                                                                                        ويصدق أن يقال : بأن حملها غلامين لا غلاما .

                                                                                                                                                                        لكنه ذكر في الطلاق في قوله : إن كان حملك ذكرا ، فأنت طالق طلقة ، وإن كان أنثى ، فطلقتين ، فولدت ذكرين ، فيه وجهان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : لا تطلق ، لهذا المعنى .

                                                                                                                                                                        والثاني : تطلق طلقة .

                                                                                                                                                                        والمعنى : إن كان جنس حملك ذكرا .

                                                                                                                                                                        ولا فرق بين البابين ، فيجئ هنا وجه : أنه يقسم المذكور للغلام بينهما .

                                                                                                                                                                        وبهذا قطع الشيخ أبو الفرج الزاز .

                                                                                                                                                                        قال : وبمثله لو قال : إن كان حملها ابنا ، فله كذا ، وإن كان بنتا ، فكذا ، فولدت ابنين ، لا شيء لهما ، وفرق بأن الذكر والأنثى أسماء جنس ، فتقع على الواحد والعدد ، بخلاف الابن والبنت ، وهذا ليس بواضح ، والقياس أن لا فرق .

                                                                                                                                                                        قلت : بل الفرق واضح ، والمختار ما قاله أبو الفرج ، فيقسم بين الذكرين في الصورة الأولى ، دون الثانية ، لما ذكرناه من الفرق .

                                                                                                                                                                        والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 168 ] ولو قال : إن كان ما في بطنها غلاما ، أو الذي في بطنها ، فهو كما لو قال : إن كان حملها غلاما .

                                                                                                                                                                        ولو قال : إن كان في بطنها غلام ، فأعطوه كذا ، فولدت غلاما وجارية ، استحق الغلام ما ذكر .

                                                                                                                                                                        وإن ولدت غلامين ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : بطلان الوصية ، بناء على أن التنكير يقتضي التوحيد .

                                                                                                                                                                        وأصحهما : صحتها .

                                                                                                                                                                        فعلى هذا هل يوزع بينهما ، أم يوقف إلى أن يبلغا فيصطلحا عليه ، أم يصرفه الوارث إلى من شاء منهما كما لو وقع الإبهام في الموصى به ؟ فيه أوجه .

                                                                                                                                                                        أصحها : الثالث .

                                                                                                                                                                        وتجري الأوجه فيما لو أوصى لأحد شخصين وجوزنا الإبهام في الموصى له فمات قبل البيان ، ففي وجه : يعين الوارث .

                                                                                                                                                                        وفي وجه : يوزع .

                                                                                                                                                                        وفي وجه : يوقف حتى يصطلحا .

                                                                                                                                                                        ولو قال : إن كنت حاملا بغلام ، أو إن ولدت غلاما ، فهو كما لو قال : إن كان في بطنها غلام .

                                                                                                                                                                        ولو قال : إن ولدت ذكرا ، فله مائتان ، وإن ولدت أنثى ، فمائة ، فولدت خنثى ، دفع إليه الأقل .

                                                                                                                                                                        وإن ولدت ذكرا وأنثى ، فلكل واحد منهما ما ذكر .

                                                                                                                                                                        وإن ولدت ذكرين وأنثيين ، جاء الوجهان .

                                                                                                                                                                        ثم الأوجه الثلاثة في كل واحد من الصنفين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية