الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        ( المسألة ) الخامسة : اسم الشاة يقع على صغيرة الجثة ، وكبيرتها ، والسليمة ، [ ص: 159 ] والمعيبة ، والصحيحة ، والمريضة ، والضائنة ، والماعز .

                                                                                                                                                                        وهل يدخل الذكر فيها ؟ قال الشافعي رضي الله عنه في الأم : لا يدخل ، وإنما هو للإناث بالعرف .

                                                                                                                                                                        ومن الأصحاب من قال : يدخل ; لأنه اسم جنس كالإنسان ، وليست التاء فيه للتأنيث ، بل للواحد .

                                                                                                                                                                        قال الحناطي : وبهذا قال أكثر الأصحاب ، ويؤيده أنه لو أخرج عن خمس من الإبل في الزكاة ذكرا ، أجزأه على الأصح .

                                                                                                                                                                        وفي السخلة ، والعناق وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : لا يقع عليهما اسم الشاة .

                                                                                                                                                                        والثاني : يقع .

                                                                                                                                                                        فإذا عرف هذا ، فلو قال : أعطوه شاة من شياهي ، أو من غنمي ، فإن لم يكن له غنم ، فالوصية باطلة ، وإن كان أعطي واحدة منها سليمة ، أو معيبة من الضأن ، أو المعز ، وإذا كانت كلها ذكورا ، أعطي ذكرا .

                                                                                                                                                                        وإن كانت كلها إناثا أعطي أنثى .

                                                                                                                                                                        وإن كانت ذكورا وإناثا ، جاز أن يعطى أنثى .

                                                                                                                                                                        وفي جواز الذكر الخلاف المذكور في تناول الشاة الذكر .

                                                                                                                                                                        ولو قال : أعطوه شاة من مالي ، أعطي واحدة يتناولها الاسم .

                                                                                                                                                                        فإن ملك غنما ، فللوارث أن يعطي على غير صفة غنمه .

                                                                                                                                                                        فإن لم يكن غنما ، اشترى له شاة ، بخلاف ما إذا قال : من غنمي ، ولا غنم له .

                                                                                                                                                                        ولو قال : اشتروا له شاة ، حكى البغوي : أنه لا يجوز أن يشتري معيبة ; لأن إطلاق الأمر بالشراء يقتضي التسليم كما في التوكيل بالشراء ، وأبدى فيما حكاه احتمالا ، ولو قال : كبشا أو تيسا ، أو شاة لينزيها عن غنمه ، فالوصية بالذكر .

                                                                                                                                                                        ولو قال : نعجة ، أو شاة يحلبها ، أو ينتفع بدرها ونسلها ، فهي بالأنثى .

                                                                                                                                                                        قلت : لم يفصح الإمام الرافعي بالغرض في هذه المسألة .

                                                                                                                                                                        فإن قال نعجة : فهي للأنثى من الضأن بلا خلاف عند الفقهاء وأهل اللغة .

                                                                                                                                                                        وقد أوضحت هذا في " تهذيب الأسماء واللغات " .

                                                                                                                                                                        وإن قال : شاة يحلبها ، أو ينتفع بدرها ونسلها ، فهي للأنثى من الضأن ، أو المعز .

                                                                                                                                                                        والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 160 ] فرع : الظباء قد يقال لها : شياه البر ، والثور الوحشي قد يسمى شاة في اللغة ، لكن مطلق الوصية بالشاة لا يطلق عليها .

                                                                                                                                                                        لكن لو قال : أعطوه شاة من شياهي ، وليس له إلا ظباء ، ففيه وجهان حكاهما في المعتمد .

                                                                                                                                                                        قلت : ينبغي أن يكون الأصح تنزيل الوصية على واحد منها .

                                                                                                                                                                        والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية