الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 43 ] الباب السابع في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا والمجوس

                                                                                                                                                                        فيه ثلاثة فصول .

                                                                                                                                                                        [ الفصل ] الأول : اللعان يقطع التوارث بين الملاعن والولد ؛ لانقطاع النسب ، وكذا يقطع التوارث بين الولد وكل من يدلي بالملاعن ، كأبيه وأمه وأولاده . وفي " السلسلة " للشيخ أبي محمد وجه مخرج : أن اللعان لا يقطع التوارث بين الولد والملاعن ، بناء على الوجهين في أن الملاعن هل له نكاح البنت التي نفاها باللعان إذا لم يدخل بأمها ؟ [ إن قلنا : له ذلك كنكاح بنت الزنا ، فلا يرث ، و ] إن منعناه ؛ لأن نسبها يعرض للثبوت ، بأن يكذب نفسه ورث ، ولا يعرف هذا الوجه لغيره .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الوجه غلط ؛ لأنه في الحال لا نسب . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        وأما الولد مع الأم ، فيتوارثان توارث سائر الأولاد والأمهات . والتوأمان المنفيان باللعان في توارثهما وجهان : الأصح : لا يتوارثان إلا بقرابة الأم ، لانقطاع نسب الأب . والثاني : يتوارثان بأخوة الأبوين ؛ لأن اللعان يؤثر في حق المتلاعنين فقط ، فإذا قلنا بالأول ، فلا عصبة للمنفي إلا من صلبه ، أو بالولاء بأن يكون عتيقا أو أمه عتيقة ، فيثبت الولاء لمولاها عليه ، وعصبة الأم لا يكونون عصبة له .

                                                                                                                                                                        [ ص: 44 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا نفاه ثم استلحقه لحقه . فإن كان بعد موت الولد فكذلك ، وتنقض القسمة إن كانت تركته قسمت . حتى لو كان على أمه ولاء ، فأخذ مولاها ميراثه ، كان للمستلحق استرداده ، ولا فرق في اللحوق بين أن يخلف الميت ولدا ، أم لا .

                                                                                                                                                                        الفصل الثاني : ولد الزنا كالمنفي باللعان إلا في ثلاثة أشياء : أحدها : أن الوجه المنقول عن " السلسلة " ، لا يجئ هنا قطعا . والثاني : أن ولد الزنا لا يلحق بالاستلحاق . الثالث : التوأمان من الزنا لا يتوارثان إلا بأخوة الأم قطعا . وفي وجه حكاه الحناطي وصاحب ( الحاوي ) : يتوارثان بأخوة الأبوين .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الوجه غلط فاحش ، قال الإمام : ولو علقت بتوأمين من واطئ بشبهة ، ثم جهل الواطئ توارثا بأخوة الأبوين بلا خلاف . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        الفصل الثالث : فيما إذا اجتمع في شخص قرابتان منع الشرع من مباشرة سبب اجتماعهما ، كأم هي أخت ، وذلك يقع في المجوس ، لاستباحتهم نكاح المحارم ، وربما أسلموا بعد ذلك ، أو ترافعوا إلينا ، وقد يتفق في المسلمين نادرا بغلط واشتباه ، والحكم أنه لا توريث بالقرابتين ، بل يورث بأقواهما . وفي وجه : يرث بهما إن كانتا بحيث لو كانتا في شخصين ورثا معا ، وبه قال ابن سريج ، وابن اللبان . والصحيح : الأول ، ويعرف الأقوى بكل واحد من أمرين . أحدهما : أن تحجب إحداهما الأخرى ، كبنت هي أخت لأم ، أن يطأ أمه فتلد بنتا . والثاني : أن لا تحجب إحداهما أصلا ، أو يكون حجبها أقل ، فالأول : كأم هي أخت . والثاني : كأم أم هي أخت ، فترث بالأمومة أو الجدودة دون الأخوة ، وعن ابن اللبان [ وجه : أنها ترث في الصورة الثانية بالأخوة ، دون الجدودة ؛ لأن نصيب الأخت أكثر ، وليجبر هذا في [ ص: 45 ] أخوات ] الصورة . والصحيح المعروف : الأول ، ولا يرثون بالزوجية بلا خلاف ، لبطلانها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية