فصل
كبيعها له . الوصية بالأصنام والسلاح للذمي والحربي ، وبالعبد المسلم والمصحف للكافر
فرع
إذا قال : أعطوه كلبا من كلابي ، وله كلاب يحل الانتفاع بها ككلب صيد ، أو زرع ، أو ماشية أعطي واحدا منها . ولو قال : كلبا من مالي ، فكذلك وإن لم يكن الكلب مالا ; لأن المنتفع به من الكلاب يقتنى وتعتوره الأيدي ، كالأموال ، فقد يستعار له اسم المال . ولو قال : أعطوه كلبا من كلابي ، أو من [ ص: 120 ] مالي ، وليس له كلب ينتفع به بطلت الوصية ، بخلاف ما إذا قال : [ أعطوه ] عبدا ، فإنه يشترى ; لأن الكلب يتعذر شراؤه .
قلت : هذا هو الصحيح المعروف . وفي وجه حكاه الجرجاني في " المعاياة " وغيره : أنه تصح الوصية ويعطى قيمة مثل الكلب من الجوارح الظاهرة ، وهذا ليس بشيء . - والله أعلم - .
ولو كان له كلب ، ولا مال له ، فأوصى بكلبه ، لم تنفذ الوصية إلا في ثلثه ، كالمال ، فإن أوصى ببعضه ، أو كان له كلاب فأوصى ببعضها ، ففي وجه : لا يعتبر خروج الموصى به من الثلث ; لأنها غير متقومة ، ويكفي أن يبقى للورثة شيء وإن قل . والصحيح اعتباره كالأموال . فعلى هذا ، إن لم يكن إلا كلب واحد ، لم يخف اعتبار الثلث . وإن كان كلاب ، ففي كيفيته أوجه . أصحها ومنهم من قطع [ به ] : أنه ينظر إلى عدد الرءوس ، وتنفذ الوصية من ثلاثة في واحد . والثاني : ينظر إلى قيمتها بتقدير المالية فيها كما يقدر الرق في الحر عند الحاجة ، وتنفذ الوصية في الثلث بالقيمة . والثالث : تقوم منافعها ، ويؤخذ الثلث من قيمة المنافع . ولو لم يملك إلا كلبا ، وطبل لهو ، وزق خمر محترمة ، فأوصى بواحد منها ، وأردنا اعتبار الثلث ، لم يجز الوجه الأول ولا الثالث ؛ لأنه لا تناسب بين الرءوس ولا المنفعة ، فيتعين اعتبار القيمة . أما إذا كان له مال وكلاب ، فأوصى بكلها ، أو ببعضها ، فثلاثة أوجه : أصحها : نفوذ الوصية فيها وإن كثرت وقل المال ; لأن المعتبر أن يبقى للورثة ضعف الموصى به ، والمال وإن قل خير من ضعف الكلب ، إذ لا قيمة له ، وبهذا قال أبو علي وابن أبي هريرة والشيخ . والثاني قاله والطبري الإصطخري : أن الكلاب ليست من جنس المال ، فيقدر كأنه لا مال له ، [ ص: 121 ] وتنفذ الوصية في ثلاث كلاب على ما سبق . والثالث : تقوم الكلاب أو منافعها على اختلاف الوجهين السابقين ، وتضم إلى ما يملكه من المال ، وتنفذ الوصية في ثلث الجميع . ولو أوصى بثلث ماله لرجل ، وبالكلاب لآخر ، فعلى قول الإصطخري : يعتبر ثلث الكلاب وحدها . وأما على الوجه الأول ، فقال : تنفذ الوصية بجميع الكلاب ; لأن ثلثي المال الذي يبقى للورثة خير من ضعف الكلاب ، واستبعده القاضي أبو الطيب ابن الصباغ ; لأن ما يأخذه الورثة من الثلثين هو حصتهم بسبب ما نقلت فيه الوصية ، وهو الثلث ، فلا يجوز أن يحسب عليهم مرة أخرى في وصية الكلاب ، فعلى هذا يلتقي الوجهان .
قلت : قول ابن الصباغ أصح . - والله أعلم - .
وقياس الوجه الثالث : أن تضم قيمة الكلاب أو منافعها إلى المال ، ويدخل المال في حساب الوصية بالكلاب وإن لم تدخل الكلاب في حساب الوصية بالمال .