فصل
إذا ، فإن ملكه بالإرث ، فهل يعتق من الثلث ، أم من رأس المال ؟ وجهان ، رجح ملك في مرض موته من يعتق عليه البغوي والمتولي كونه من الثلث ، والأصح : كونه من رأس المال ، وبه قطع الأستاذ أبو منصور .
وفي كلام الشيخ أبي علي وغيره : ما يقتضي الجزم به ; لأنه [ لم يقصد ] تملكه ، ولا تضرر به الورثة .
وإن ملكه بالهبة ، أو الوصية ، فإن قلنا في الموروث : يعتق من الثلث ، فهنا أولى ; لأنه مختار ، وإلا ، فوجهان .
أصحهما : من رأس المال ، وبه قطع [ ص: 204 ] ابن الحداد وأبو منصور ; لأنه لم يبذل مالا ، وزوال الملك حصل بغير رضاه .
فإن قلنا : من رأس المال ، عتق وإن لم يكن له مال سواه .
وكذا لو كان عليه دين مستغرق ، وكذا المفلس المحجور عليه إذا قبله ولا سبيل للغرماء عليه .
وإن قلنا : يعتق من الثلث ، فلم يكن مال سواه ، عتق ثلثه فقط .
وإن كان عليه دين ، لم يعتق ، وبيع في الدين ، وكذا في المحجور عليه بالفلس .
ولو ، ففي صحة الشراء وجهان . اشترى المريض من يعتق عليه ، وعليه دين
ويقال : قولان .
أصحهما : الصحة ، إذ لا خلل في الشراء ، فيثبت الملك ، ولا يعتق ، لحق الغرماء .
فإن لم يكن دين ، اعتبر عتقه من الثلث .
فإن خرج كله ، صح الشراء ، وعتق كله ، وإلا ، ففي صحة الشراء فيما زاد على الثلث الخلاف فيما إذا كان عليه دين .
فإن قلنا : لا يصح ، ففي قدر الثلث الخلاف المذكور في تفريق الصفقة .
وإن قلنا : يصح ، عتق الثلث فقط .
وفي وجه : شراء المريض أباه باطل مطلقا ; لأنه وصية ، وهي موقوفة على الخروج من الثلث ، والبيع لا يوقف ، وهذا ضعيف .
هذا كله إذا لم يكن محاباة .
أما إذا اشتراه بخمسين ، وقيمته مائة ، فقدر المحاباة هبة ، فيجئ فيه الوجهان في أنه من الثلث ، أو رأس المال ؟ فإن قلنا : من الثلث ، فجميع المائة من الثلث ، وإلا فالمعتبر منه خمسون .
ثم متى حكمنا بعتقه من الثلث ، لا يرثه ; لأنه وصية ، ولا سبيل إلى الجمع بينها وبين الإرث .
هكذا أطلقوه وعللوه ، وكأنه تفريع على بطلان الوصية لوارث .
فإن قلنا : يقف على إجازة الوارث ، لم يمتنع الجمع بينها وبين الإرث ، فيحتمل توقف الأمر على الإجازة ، ويحتمل خلافه .
وحكى الأستاذ وأبو منصور وجها : أنه يرث ; لأنه لا ( يملك ) رقبته حتى يقال : أوصى له بها .
والصحيح الأول .
ومتى عتق من رأس المال ، ورث على الصحيح .
وقال الإصطخري : لا يرث ، وجعل عتقه وصية في حقه .
وإن لم تكن وصية في حق الوارث ، كما لو نكحت المريضة بدون مهر المثل ، تصح المحاباة من رأس [ ص: 205 ] المال إن كان الزوج أجنبيا .
فإن كان وارثا ، جعل وصية ، فتبطل ويجب مهر المثل .