[ الحكم ] الثاني : أنها أمانة ، فلا يضمن إلا عند التقصير ، وأسباب التقصير تسعة :
أحدها : أن ، فيضمن ، سواء أودع عند عبده وزوجته وابنه أو أجنبي . والكلام في تضمين المالك المودع الثاني قد سبق في بابي الرهن والغصب . وإن أودعها عند القاضي ، فوجهان - سواء كان المالك حاضرا أو غائبا - أصحهما عند الجمهور : يضمن . فإن جوزنا الدفع إلى القاضي ، لم يجب عليه القبول إن كان المالك حاضرا والدفع عليه متيسرا ، وإن لم يكن كذلك ، لزمه القبول على الأصح ؛ لأنه نائب الغائبين . يودعها المودع عند غيره بلا عذر من غير إذن المالك
وإذا حمل الغاصب المغصوب إلى القاضي ، ففي وجوب القبول الوجهان ، لكن هذا أولى بالمنع ليبقى مضمونا للمالك . ومن عليه دين لو حمله إلى القاضي ، نظر ، إن كان بحيث لا يجب على المالك قبوله ، فالقاضي أولى ، وإلا ، فوجهان وأولى بالمنع وهو الأصح ؛ لأن الدين في الذمة لا يتعرض للتلف ، وإذا تعين ، تعرض له .
وجميع ما ذكرناه هو فيما إذا استحفظ غيره وأزال يده ونظره عن الوديعة . أما إذا استعان به في حملها إلى الحرز ، فلا بأس ، كما لو استعان في سقي البهيمة وعلفها .
قال القفال : وكذا لو كانت خزانته وخزانة ابنه واحدة فدفعها إلى ابنه ليضعها في الخزانة . وذكر الإمام أن ، فلا بأس . وإن فوض الحفظ إلى بعضهم ، ولم يلاحظ الوديعة [ ص: 328 ] أصلا ، ففيه تردد . وإن كان المخزن خارجا عن داره التي يأوي إليها ، وكان لا يلاحظه ، فالظاهر تضمينه . المودع إذا أراد الخروج لحاجاته ، فاستحفظ من يثق به من متصليه ، وكان يلاحظ المخزن في عوداته
فرع
هذا الذي ذكرناه ، إذا لم يكن عذر . فإن كان ، بأن . فإن تعذر وصوله إليهما ، دفعها إلى القاضي ، وعليه قبولها . فإن لم يجد قاضيا ، دفعها إلى أمين ، ولا يكلف تأخير السفر . فإن ترك هذا الترتيب فدفعها إلى الحاكم أو أمين مع إمكان الدفع إلى المالك أو وكيله ، ضمن ، ويجيء في هذا الخلاف السابق . وإن دفع إلى أمين مع القدرة على الحاكم ، ضمن على المذهب . أراد سفرا ، فينبغي أن يردها إلى مالكها أو وكيله ، ضمن إن دفنها في غير حرزه [ أو في حرز ] ولم يعلم بها أمينا ، أو أعلمه حيث لا يجوز الإيداع عند الأمين ، أو حيث يجوز إلا أن الذي أعلمه لا يسكن الموضع . فإن سكنه ، لم يضمن على الأصح . كذا فصله الجمهور ، وجعل الإمام في معنى السكنى أن يراقبها من الجوانب ، أو من فوق مراقبة الحارس . وقيل : إن الإعلام كالإيداع سواء سكن الموضع ، أم لا . ولو دفن الوديعة عند سفره
ونقل صاحب المعتمد وغيره وجهين ، في أن سبيل هذا الإعلام سبيل الإشهاد ، أم الائتمان ؟ أصحهما : الثاني . فعلى الأول ، لا بد من إعلام رجلين ، أو رجل وامرأتين .
وكما يجوز الإيداع بعذر السفر كما تبين ، فكذا سائر الأعذار ، كما إذا وقع في البقعة حريق أو نهب أو غارة ، أو خاف الغرق ، وليكن في معناها إذا أشرف الحرز على الخراب ولم يجد حرزا ينقلها إليه .