الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( كيل ) ( س هـ ) فيه " المكيال مكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة " قال أبو عبيد : هذا الحديث أصل لكل شيء من الكيل والوزن ، وإنما يأثم الناس فيهما بهم ، والذي يعرف به أصل الكيل والوزن أن كل ما لزمه اسم المختوم والقفيز والمكوك . والصاع والمد ، فهو كيل ، وكل ما لزمه اسم الأرطال والأمناء والأواقي فهو وزن .

                                                          وأصل التمر : الكيل ، فلا يجوز أن يباع وزنا بوزن ، لأنه إذا رد بعد الوزن إلى الكيل ، لم يؤمن فيه التفاضل .

                                                          وكل ما كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة مكيلا فلا يباع إلا بالكيل ، وكل ما كان موزونا فلا يباع إلا بالوزن ، لئلا يدخله الربا بالتفاضل .

                                                          [ ص: 219 ] وهذا في كل نوع تتعلق به أحكام الشرع من حقوق الله تعالى ، دون ما يتعامل الناس في بياعاتهم .

                                                          فأما المكيال فهو الصاع الذي يتعلق به وجوب الزكاة ، والكفارات ، والنفقات ، وغير ذلك ، وهو مقدر بكيل أهل المدينة ، دون غيرها من البلدان ، لهذا الحديث . وهو مفعال من الكيل ، والميم فيه للآلة .

                                                          وأما الوزن فيريد به الذهب والفضة خاصة ، لأن حق الزكاة يتعلق بهما .

                                                          ودرهم أهل مكة ستة دوانيق ، ودراهم الإسلام المعدلة كل عشرة سبعة مثاقيل .

                                                          وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم ، عند مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ، بالعدد ، فأرشدهم إلى وزن مكة .

                                                          وأما الدنانير فكانت تحمل إلى العرب من الروم ، إلى أن ضرب عبد الملك بن مروان الدينار في أيامه .

                                                          وأما الأرطال والأمناء فللناس فيها عادات مختلفة في البلدان ، وهم معاملون بها ومجرون عليها .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر " أنه نهى عن المكايلة " وهي المقايسة بالقول ، والفعل ، والمراد المكافأة بالسوء وترك الإغضاء والاحتمال . أي تقول له وتفعل معه مثل ما يقول لك ويفعل معك . وهي مفاعلة من الكيل .

                                                          وقيل : أراد بها المقايسة في الدين ، وترك العمل بالأثر .

                                                          ( س هـ ) وفيه " أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقاتل العدو ، فسأله سيفا يقاتل به ، فقال : لعلك إن أعطيتك أن تقوم في الكيول ، فقال : لا " أي : في مؤخر الصفوف ، وهو فيعول ، من كال الزند يكيل كيلا ، إذا كبا ولم يخرج نارا ، فشبه مؤخر الصفوف به ، لأن من كان فيه لا يقاتل .

                                                          وقيل : الكيول : الجبان . والكيول : ما أشرف من الأرض . يريد : تقوم فوقه فتنظر ما يصنع غيرك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية