الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 293 ] وإن استلحق أحد التوأمين : لحقا ، وإن كان بينهما ستة فبطنان ، إلا أنه قال : إن أقر بالثاني ، وقال : لم أطأ بعد الأول : سئل النساء فإن قلن : إنه قد يتأخر هكذا لم يحد .

التالي السابق


( وإن ) لاعن الزوج زوجته لنفي حملها فولدت توأمين ف ( استلحق ) الملاعن لنفي الحمل ( أحد التوأمين ) أي الولدين اللذين ليس بينهما أقل أمد الحمل ( لحقاه ) معا لأنهما كولد واحد ولو لاعن في أحدهما فقط انتفيا معا ويتوارثان كتوارث الشقيقين كتوأمي مسببة ومستأمنة بخلاف توأمي الزانية والمغصوبة فأخوان لأم على المشهور .

( وإن ) ولدت ولدا ثم ولدت ولدا آخر فاستلحق الزوج أحدهما ، ونفى الآخر ( وكان بينهما ) أي الولدين اللذين استلحق الزوج أحدهما ونفى الآخر ( ستة ) من الأشهر ( ف ) هما ( بطنان ) أي حملان لا يلحق أحدهما باستلحاق الآخر ولا ينتفي بنفيه ( إلا أنه ) أي لكن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ( قال إن أقر ) أي الزوج ( ب ) الولد ( الثاني ) الذي تأخر عن الأول ستة أشهر بأن قال : هذا ولدي والفرض أنه إن استلحق الأول ( وقال ) الزوج ( لم أطأ ) ها ( بعد ) ولادة الولد ( الأول ) وجواب : إن أقر ، وقال : ( سئل ) بضم فكسر ( النساء ) العارفات بذلك .

( فإن قلن إنه ) أي التوأم ( قد يتأخر ) عن الأول ( هكذا ) أي ستة أشهر ( لم ) الأولى فلا ( يحد ) بضم ففتح الزوج لأنهما حمل واحد وليس قوله : لم يطأ بعد الأول نفيا [ ص: 294 ] للثاني صريحا لجواز كونه بالوطء الذي كان عنه الأول عملا بقولهن يتأخر هكذا .

قاله ابن عرفة وإن قلن : إنه لا يتأخر هكذا حد لأنه لما أقر بالثاني ولحق به وقلن لا يتأخر هكذا صار قوله لم أطأ بعد الأول قد قالها واستشكل بأن الستة إن كانت قاطعة فلا يرجع للنساء ويحد وإن لم تكن قاطعة فيرجع إليهن ولا يحد وهو قد قال في الأول إنها قاطعة ويحد وفي الثاني يرجع للنساء ولا يحد فأشكل الفرع الثاني على الأول وأجيب بأنها قاطعة ما لم يعارضها أصل ، وقد عارضها هنا شهادة النساء وفي الحديث { ادرءوا الحدود بالشبهات } وأما إن نفى الأول وأقر بالثاني ، وقال لم أطأ بعد الأول وبينهما ستة فإنه يحد ولا يسأل النساء لاستلحاقه الولد الثاني بعد نفيه فيحد على كل حال قاله الحط .

غ ونص المدونة على اختصار أبي سعيد " فإن وضعت الثاني لستة أشهر فأكثر فهما بطنان فإن أقر بالأول ونفى الثاني وقال لم أطأ بعد الأول لاعن ونفى الثاني إذ هما بطنان فسكت ابن الحاجب عن هذا الفرع لجريانه على أصل كونهما بطنين ثم جاء في المدونة بالفرع المستشكل فقال وإن قال : لم أجامعها بعد الأول وهذا الثاني ولدي فإنه يلزمه لأن الولد للفراش ويسأل النساء فإن قلن إن الحمل يتأخر هكذا فلا يحد وكانا بطنا واحدا وإن قلت لا يتأخر حد ولحق به ، وقد أشار في التقييد لهذا الإشكال ثم انفصل عنه أحسن الانفصال ، فقال جزم أولا بجعلهما بطنين ثم قال : يسأل النساء وما ذلك إلا لأجل حد الزوج حد القذف لأن الحدود تدرأ بالشبهات ثم قال : واختصرها اللخمي وإن أقر بهما جميعا وقال : لم أجامعها بعد الأول سئل النساء فالنزاع إنما هو في الثاني يدل عليه التنظير إذ كأنه نفاه وأثبته ا هـ .

وإليه يرجع ما عند ابن عرفة فإنه قال : إنما لم يجد إذا قال النساء يتأخر لعدم نفيه إياه بقوله لم أطأها بعد الأول لجواز كونه بالوطء الذي كان عنه الأول عملا بقولهن يتأخر وحد بقولهن لا يتأخر لنفيه إياه بقوله : لم أطأ بعد الأول منضما لقولهن لا يتأخر فامتنع كونه عن الوطء الذي كان عنه الأول وإقراره به مع ذلك فآل أمره لنفيه إياه وإقراره به فوجب لحوقه به وحده ا هـ [ ص: 295 ]

وأما ابن عبد السلام فحمله على أنه أقر بالثاني بعد أن نفى الأول ولاعن فيه وقرر الإشكال ولم يقبله ابن عرفة واعترضه بأنه تحريف للمسألة بنقيض ما هي عليه مع وضوحها وشهرتها فانظره والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية