الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو إن ولدت جارية

التالي السابق


( أو ) قال لزوجته المحقق براءتها من الحمل ( إن ولدت جارية ) أي بنتا فأنت طالق فلا شيء عليه إن كانت في طهر لم يمسها فيه أو مسها فيه ولم ينزل أو عزل على كلام اللخمي فوافق ما تقدم من قوله وحملت على البراءة في طهر لم يمس فيه . طفي هذا أصله لعياض فإنه قال في التنبيهات في قول المدونة إن لم يكن في بطنك غلام فأنت طالق فإنها تطلق ساعتئذ ما نصه ، وهذا بخلاف إن ولدت جارية أو إذا ولدت جارية فأنت طالق فلا شيء عليه حتى تلد لأنه تعليق بشرط ، وكذا بينه في كتاب ابن حبيب ا هـ .

أبو الحسن فظهر من كلام عياض أنه حمل قول ابن حبيب على التفسير ، وكذا ظهر من كلام ابن يونس ، وظهر من كلام اللخمي أنه خلاف ا هـ . وكذا ظهر من كلام ابن رشد فإنه قال في سماع عيسى من قال لامرأته إن ولدت غلاما فلك مائة دينار وإن ولدت جارية فأنت طالق فالطلاق وقع عليه ما نصه ، يريد أن الحكم يوجب أن يعجل عليه ، وهذا [ ص: 125 ] قول مالك " رضي الله عنه " في المدونة . ا هـ . ولذا حمل الشيخ عبد الرحمن الأجهوري كلام المصنف على أنه لا ينجز عليه إلا أن يطأها مرة كما بعده ، والغرض أنها غير حامل وتبعه " س " وتعقب الحط كلام المصنف بأنه جرى على غير عادته من الاقتصار على المشهور .

وذكر هنا طريقين أولاهما التي قدمها في قوله كإن كان في بطنك غلام ، أو لم يكن ، وإن كنت حاملا أو لم تكوني وهذه طريقة اللخمي أنه ينجز في قولي مالك في صيغة البر والحنث ، ونص تبصرته اختلف فيمن قال إن ولدت جارية فأنت طالق أو إن لم تلدي غلاما فأنت طالق نحو الاختلاف المتقدم في إن كنت حاملا أو إن لم تكوني حاملا ففي مالك أنها طالق مكانها في الوجهين . ا هـ . والطريقة الثانية هي التي ذكرها الآن وهي طريقة عياض ، ثم ذكر ما تقدم عنه . ا هـ . قال في قول المؤلف المتقدم أو إن كنت حاملا أو لم تكوني هذا من أمثلة ما لم يعلم حالا ، وكذا قوله إن كان في بطنك غلام أو إن ولدت جارية إلى غير ذلك من الفروع فكلها من باب واحد .

وقوله أو إن ولدت جارية مع الفروع التي ذكرها في التوضيح وابن عبد السلام مبنية على خلاف ما شهره هناك . ا هـ . وما قاله غير ظاهر إذ لا تخالف في كلام المصنف لأن قصاراه أنه جرى على طريقة عياض ، إذ لم يخالف عياض إلا في إن ولدت جارية أو إذا ولدت جارية حسبما تقدم من نصه .

وأما ما تقدم من قوله إن كان في بطنك غلام أو لم يكن أو إن كنت حاملا أو لم تكوني فلم يخالف فيه عياض ، بل وافق اللخمي على ذلك ، وكيف يخالفه فيه والمدونة قالت في إن لم يكن في بطنك غلام ما تقدم عنها وأقره عياض ، وإنما قال وهذا بخلاف إلخ وقال وإن قال لها إن كنت حاملا أو لم يكن بك حمل أو إذا وضعت فأنت طالق ، طلقت مكانها ، ولا يستأنى بها لينظر أبها حمل أم لا ، فلو مات أحدهما قبل ذلك فلا يتوارثان ، فهذا صريح لا يحتاج للتأويل والله الموفق فخلافهما إنما هو في إن ولدت جارية ومحله إذا قاله لمحققة الحمل أو لمشكوك في حملها فإن كانت محققة البراءة فقد اتفقا على عدم التنجيز ، لكن عند اللخمي ينتظر إلى الوطء وعند عياض إلى الولادة .




الخدمات العلمية