الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا

التالي السابق


( أو ) قال ( إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا ) فإذا طلقها واحدة أو اثنتين لزمه ثلاث ، ويلغى قوله قبله لاتصافها بالحل إلى وقت التطليق ، وفي وقته قد مضى ما قبله والماضي لا يعود ، فإن لم يطلقها فلا شيء عليه . ابن عرفة ابن شاس من قال إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا ألغي لفظ قبله ، فإن طلقها لزمه تمام الثلاث . قلت قال الطرطوشي هذه المترجمة قصصناهم ، قال دهماء الشافعية لا يقع عليها طلاق أبدا ، وهو قول ابن سريج وقالت طائفة منهم يقع المعلق عليه المنجز دون المعلق منهم أبو العباس المروزي وأبو العباس القاص .

وقالت طائفة يقع مع المنجز تمام الثلاث من المعلق قاله أبو حنيفة " رضي الله عنه " ومن الشافعية [ ص: 101 ] أبو عبد الله المعروف بالحسني وغيره وأبو نصر بن الصباغ من خيار متأخريهم وهو الذي نختاره ، وليس في هذه المسألة لأصحابنا ما يعول عليه ولمالك " رضي الله عنه " ما دل على تصحيحها وهو عدم قبول شهادة عدلين على من أعتقهما أنه غصبهما ممن ادعاهما لأن ثبوتهما يؤدي إلى نفيها ، وعدم قبول شهادتهما بدين عليه يبطل عتقهما ، ورفع له ما يدل على خلاف هذا وهو ثبوت ما يؤدي إلى نفيه منه قوله من أعتق ولده أو والده في مرضه بتلا صح عتقه وورث مع أن إرثه يؤدي إلى نفيه ، لأن العطية في المرض كالوصية لا تصح لوارث فثبوت إرثه يبطل العطية له ، وبطلانها يبطل حريته ، وبطلانها يبطل إرثه .

الشيخ من شرط لامرأته أن كل امرأة تزوجها عليها طالق فتزوج أخرى وشرط لها أن كل امرأة له طالق فقال محمد وأصبغ تطلقان عليه . وقال ابن القاسم لا تطلق الثانية وذكرها الطرطوشي ، وقال وجه قول ابن القاسم أن معنى شرطه للأولى أن كل امرأة يتزوجها عليها وهي في عصمته فهي طالق ، وعقد الثانية أوجب طلاق الأولى ، فكأنه لم يتزوج الثانية على الأولى ، ولم يجمعها معها ، والقصد كراهة أن يجمع معها أخرى قال ، وقال بعض أصحابنا جواب ابن القاسم وهم والصواب قول أصبغ لأن شرط كل واحدة أوجب طلاق الأخرى .

الطرطوشي هذه المسألة هي المسألة السريجية وقد وضحناها في كتاب الطلاق . قلت والمسألة متوقفة على أصل لم يذكروه فيها ، وهو جعل أمر مستقبل سببا في طلاق مقيد بزمن ماض هل يلزم اعتبارا بوقت التعليق أو لا اعتبارا بوقت حصول السبب ، سمع عيسى بن القاسم من قال لامرأته أنت طالق اليوم إن دخل فلان غدا الحمام لا تطلق عليه حتى يدخل وله مسها فقبلها الشيخ ولم يقيدها . وقال ابن رشد في هذا اللفظ تجوز مثله في كتاب الظهار منها وليس على ظاهره ، بل فيه تقديم وتأخير ، وحقيقة تركيبه من قال لامرأته اليوم أنت طالق إن دخل فلان الحمام غدا ، وقوله له مسها يريد فيما بينه وبين غد .

قلت ولابن محرز عن ابن القاسم من قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق أمس [ ص: 102 ] دخولك لزمه ابن عبد الحكم إن قال أنت طالق اليوم إن كلمت فلانا غدا فكلمه فلا شيء عليه الشيخ هذا خلاف أصل مالك " رضي الله عنه " ، بل يلزمه الطلاق لأنه لا يتعلق بزمن قلت ففي لغو المعلق مقيدا بزمن قبل زمن سببه طريقا ابن رشد مع نص ابن عبد الحكم وابن محرز مع الشيخ ، ونص ابن القاسم ثم قال ابن عرفة ومقتضى طريقة الشيخ وهي أسعد بالروايات صحة ما فهمه الطرطوشي عن المذهب في السريجية وتبعه ابن العربي وابن شاس .




الخدمات العلمية