الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 364 ] ( فصل )

إن طرأ موجب قبل تمام عدة أو استبراء انهدم الأول وائتنفت : [ ص: 365 ] كمتزوج بائنته ، ثم يطلق ، بعد البناء ، أو يموت مطلقا [ ص: 366 ] وكمستبرأة من فاسد ثم يطلق ، وكمرتجع ، وإن لم يمس ، طلق أو مات إلا أن يفهم ضرر بالتطويل فتبني المطلقة ; إن لم تمس [ ص: 367 ] وكمعتدة وطئها المطلق ، أو غيره فاسدا بكاشتباه ، إلا من وفاة فأقصى الأجلين كمستبرأة من فاسد مات زوجها ، وكمشتراة معتدة

[ ص: 364 ]

التالي السابق


[ ص: 364 ] ( فصل ) في بيان أحكام تداخل العدد والاستبراء أي طريان بعضها على بعض سواء كانا من نوع أو لا ، ويسمى مبحث التداخل وجرت عادتهم بالامتحان بمسائله لتوقفها على استحضار ما سبق من أحكام العدة والاستبراء ودقتها فلا يحسن الجواب عنها إلا ذو ملكة بممارسة ما تقدم وأنواعه العقلية تسعة بتقديم المثناة ; لأن العدة نوعان عدة طلاق وعدة وفاة ، والاستبراء نوع فهذه ثلاثة أنواع يطرأ كل منها على مثله وعلى غيره فهذه تسعة أنواع من ضرب ثلاثة في مثلها والواقعية سبعة بتقديم السين ; لأن الأول إن كان عدة طلاق تأتى أن يطرأ عليه عدة طلاق أو وفاة أو استبراء وإن كان استبراء تأتى أن يطرأ عليه استبراء أو عدة طلاق أو وفاة ، وإن كان عدة وفاة تأتى أن يطرأ عليه استبراء ولا يتأتى أن يطرأ عليه عدة طلاق ولا عدة وفاة

. فهذه سبعة أنواع من ضرب اثنين في ثلاثة وواحد في واحد ، وأشار المصنف إلى ضابط أحكامها فقال ( إن طرأ ) أي تجدد ( موجب ) بضم الميم وكسر الجيم أي سبب لوجوب عدة من طلاق أو موت أو استبراء كوطء شبهة وصلة طرأ ( قبل تمام عدة ) من طلاق أو موت فهذه أربعة أنواع ( أو ) طرأ موجب لعدة طلاق أو وفاة أو استبراء قبل تمام ( استبراء ) فهذه ثلاثة أنواع تمام السبعة الواقعية وجواب إن طرأ موجب إلخ ( انهدم ) بإعجام الدال وإهمالها أي ألغي وترك الموجب ( الأول ) غالبا

. ( وائتنفت ) أي استأنفت المرأة عدة أو استبراء للموجب الثاني وقولي غالبا احتراز [ ص: 365 ] عن إرداف طلاق على رجعية في العدة بلا رجعة فإنها تتم عدة الأول وتلغي الثاني فلا تأتنف له عدة لا عن مسائل أقصى الأجلين بأن كان الطارئ أو المطروء عليه عدة وفاة والأقصى هو الأول ; لأن الشيء مع غيره غير نفسه فقد صدق عليه قوله انهدم الأول وائتنفت ومثل للقاعدة السابقة فقال ( ك ) رجل ( متزوج ) بضم الميم وكسر الواو مشددة منونا أو مضافا لمفعوله ( بائنته ) أي التي طلقها بعد دخوله بها طلاقا بائنا بخلع لا بالثلاث إذ لا يتزوجها إلا بعد زوج غيره بعد تمام عدته ولا التي طلقها قبل الدخول إذ لا عدة عليها وتزوج بائنته بخلع في عدتها منه ( ثم يطلق ) ها ( بعد البناء ) أيضا فتأتنف العدة من يوم الطلاق الثاني لانهدام عدة الأول بوطء الثاني فإن طلقها ثانيا قبل البناء أتمت عدة الأول وحلت لغيره

. فهذا مثال لطريان عدة طلاق على مثلها وعطف على يطلق فقال ( أو ) أي وكمتزوج بائنته في عدتها ثم ( يموت ) عنها ( مطلقا ) عن تقييده بكونه بعد بنائه بها إذ البناء ليس شرطا في عدة الوفاة ، ثم إن كان مات عنها بعد بنائه بها فإنها تستأنف عدة الوفاة اتفاقا ، وإن كان مات عنها قبله فقال أبو عمران كذلك ، وقال سحنون والشيخ عليها أقصى العدتين ابن الحاجب وكالمتزوج بائنته ثم يطلقها بعد البناء أو يموت عنها قبله أو بعده فإنها تستأنف ، وروى محمد إن مات قبله فأقصى الأجلين وضعف وعزا في التوضيح التضعيف لأبي عمران ، ونقل جوابه عن ابن يونس ابن عرفة ولا يهدم عدة البائن نكاحها زوجها بل بناؤه فلو مات قبله ففي لزوم الحائل أقصى العدتين وهدمها عدة الوفاة قول سحنون مع الشيخ عن رواية محمد والصقلي عن أبي عمران قائلا والحامل وضعها للعدتين ا هـ

. وهذا مثال لتجدد عدة وفاة على عدة طلاق واعترض ابن عاشر هذا بأن البناء فيه هو الهادم للأول لا ما طرأ بعده من طلاق أو موت ، وأجاب عنه بعضهم بأن طرو الموجب قبل تمام العدة موجود فيهما قطعا ولم يمثلوا بهما إلا لهذا ، وإنما يتم الاعتراض [ ص: 366 ] لو مثلوا بهما لطرو الموجب قبل هدم الأول ( وك ) زوجة ( مستبرأة من ) وطء ( فاسد ) بشبهة مثلا ( ثم يطلق ) ها زوجها في زمن استبرائها فينهدم الاستبراء وتأتنف العدة من يوم الطلاق

. البناني الذي عند ابن الحاجب وابن عرفة أنه متى اختلف السبب فالواجب الأقصى ، وقد اعترض بهذا ق على المصنف لكن بنى المصنف على ما في ضيح من أن حقيقة الأقصى إنما تكون فيما يمكن فيه التأخر والتقدم لا فيما لا يمكن إلا متأخرافالمصنف نظر إلى حقيقة الأقصى وغيره تجوز فيه والله سبحانه وتعالى أعلم

. وهذا مثل لطريان طلاق على استبراء ( وك ) زوج ( مرتجع ) زوجته التي طلقها طلاقا رجعيا في عدتها منه إن مسها بل ( وإن لم يمس ) ها بعد ارتجاعها ثم ( طلق ) ها وهي في عدتها ( أو مات ) عنها فيها فتأتنف العدة من يوم الطلاق أو الموت في كل حال ( إلا أن يفهم ) بضم التحتية وفتح الهاء بقرينة ( ضرر ) أي قصده من الزوج مصور ( بالتطويل ) للعدة على الرجعية بأن يتركها إلى قرب انقضاء عدتها ويراجعها ثم يطلقها ( فتبني ) الزوجة ( المطلقة ) على عدتها الأولى ، وتحل لغيره بتمامها ( إن لم يمسها ) بعد ارتجاعه معاملة له بنقيض قصده فإن وطئها بعد رجعتها ثم طلقها استأنفت العدة من يوم الطلاق الثاني . قاله ابن القصار ومشى عليه ابن شاس وابن الحاجب والقرافي وابن عبد السلام وابن هارون السخاوي وهو المذهب

. ابن عرفة والرجعة تهدم عدة الرجعية كموت الزوج فيها مطلقا أو قول ابن شاس عن ابن القصار إلا أن يريد برجعته تطويل عدتها فلا وقبوله هو والقرافي وجعله ابن الحاجب هو المذهب وقبوله ابن عبد السلام وابن هارون لا أعرفه بل نص الموطإ السنة [ ص: 367 ] هدمها وقد ظلم نفسه إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها وقبله شراحه ، وهذا تمثيل لطريان عدة طلاق أو موت على عدة طلاق ، واعترضه ابن عاشر بأن مجرد الرجعة هو الهادم للأول لا ما طرأ بعدها من طلاق أو موت وأجيب عنه بأن طرو الموجب قبل تمام العدة موجود فيهما قطعا ولم يمثلوا بهما إلا له ، وإنما يتم الاعتراض لو مثلوا بهما لطرو الموجب قبل انهدام الأول

. ( وك ) زوجة ( معتدة ) من طلاق بائن أو رجعي ( وطئها ) أي المعتدة الزوج ( المطلق أو ) رجل ( غيره ) في العدة وطئا ( فاسدا بكاشتباه ) لها عليه بحليلته أو نكاح فاسد أو زنا فتلغى العدة وتأتنف الاستبراء من الوطء الفاسد إذا كانت حرة فإن كانت أمة ووطئت قبل أن تحيض فلا بد من قرأين كمال عدتها ولا ينهدم الأول ( إلا ) معتدة ( من وفاة ) وطئت بكاشتباه ( ف ) عليها ( أقصى ) أي أبعد ( الأجلين ) أي عدة الوفاة واستبراء وطء الاشتباه فإن تمت ثلاثة الأقراء ولم تتم عدة الوفاة انتظرت تمامها وإن تمت عدة الوفاة ولم تتم الأقراء انتظرت تمامها

. وشبه في لزوم الأقصى فقال ( ك ) زوجة ( مستبرأة من ) وطء ( فاسد ) بكاشتباه ( مات زوجها ) فعليها الأقصى من عدة الوفاة واستبراء الفاسد ، وعطف على المشبه في لزوم الأقصى فقال ( وك ) أمة ( مشتراة ) أو موهوبة ( معتدة ) من وفاة فعليها الأقصى من عدة الوفاة واستبراء تجدد الملك أو من طلاق وارتفعت حيضتها فعليها الأقصى من سنة من يوم الطلاق وثلاثة أشهر من يوم الشراء فإن لم ترتفع حيضتها اندرج الاستبراء في عدة الطلاق غ هذا تكرير للنظير ; لأنه قدمه بأشبع من هذا حيث قال في باب العدة وإن اشتريت معتدة طلاق فارتفعت حيضتها حلت إن مضت سنة للطلاق [ ص: 368 ] وثلاثة للشراء أو معتدة من وفاة فأقصى الأجلين

.



الخدمات العلمية