الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 162 ] [ ص: 163 ] المشترك ص - ( مسألة ) : المشترك واقع على الأصح . لنا أن القرء للطهر والحيض معا على البدل من غير ترجيح .

            التالي السابق


            ش - المشترك هو اللفظ الواحد الموضوع لعدة معان وضعا أولا . فقوله : اللفظ ، كالجنس للمشترك وغيره . وقوله : الواحد الموضوع لعدة معان ، يخرج عنه الألفاظ المتباينة والمتواطئة والمشككة ; لأنها لم توضع لعدة معان ، بل لمعنى واحد ، وإن كان ذلك المعنى مشتركا بين الأفراد .

            وقوله : وضعا أولا ، يخرج عنه الألفاظ المنقولة والمجازية ; فإنها وإن كانت موضوعة لعدة معان ولكن لا وضعا أولا .

            واعلم أن المشترك إما أن يكون واجبا أو ممكنا أو ممتنعا . والممكن إما أن يكون واقعا أولا .

            فهذه أربعة احتمالات : وقال بكل واحد منها قائل ، إلا أنه لا فرق بين كونه ممكنا واقعا وبين كونه واجبا عند التحقيق .

            [ ص: 164 ] وذلك لأن الوجوب ههنا هو الوجوب بالغير ، إذ لا معنى للوجوب بالذات أصلا ، والممكن الواقع هو الواجب بالغير ; لأن الممكن ، ما لم يجب صدوره عن الغير ، لا يقع فحينئذ لا فرق بينهما .

            وكذا بين الممكن الغير الواقع والممتنع ، كمثل ما ذكرنا . فتكون الاحتمالات الأربعة راجعة إلى الوقوع وإلى عدمه . فلذلك لم يتعرض المصنف إلا لهما وذكر دليل القائلين بالوجوب على الوقوع .

            وقد علم باستقراء كلامه في هذا المختصر أنه يشير بلفظ " لنا " إلى الدليل الصحيح على مطلوبه . وبلفظ " استدل " إلى الدليل الفاسد على مطلوبه ; وبلفظ " قالوا " إلى دليل المذهب الباطل .

            [ ص: 165 ] والأصح عنده أن المشترك واقع ، فلهذا قال " لنا " . وتقرير دليله أن القرء وضع للطهر والحيض معا على البدل ، بمعنى أنه وضع لكل واحد منهما من غير ترجيح أحدهما على الآخر ، لاتفاق أهل اللغة على أن القرء للطهر والحيض معا على البدل من غير ترجيح .

            ولأنا إذا سمعنا القرء ، لم نفهم أحدهما على التعيين ، وبقي الذهن مترددا . ولو كان اللفظ متواطيا أو حقيقة في أحدهما أو مجازا في الآخر لما كان كذلك . فحينئذ يكون مشتركا بينهما .

            وما قيل من أنه يجوز أن يكون موضوعا لأحدهما ، ثم نقل إلى الثاني بطريق المجاز وخفي ذلك ، احتمال بعيد ; لأن الخفاء على وجه لا يعلم [ ص: 166 ] أحد من أهل اللغة مع مبالغتهم في الاستقصاء والدلائل اللغوية لا يجب أن ينتهي إلى القطع المانع من الاحتمالات البعيدة ، بل يكفي فيها [ الأولى ] والأقرب .




            الخدمات العلمية