الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - في المبادئ والأدلة ( السمعية ) والاجتهاد ( والترجيح ) .

            التالي السابق


            ش - ( قيل في بيان انحصاره ) فيها : إن لكل علم مبادئ ومسائل وموضوعات . فالمبادئ في قوله - ( هي مبادئ ) أصول الفقه .

            والأدلة السمعية والاجتهاد والترجيح - موضوعه ; لأن الأصولي يبحث فيه عن أحوالها الموصلة إلى الأحكام ، ( وكيفية استثمارها عنها ) على وجه كلي .

            [ ص: 10 ] ويعلم من ذلك أن مسائله تلك الأحوال المبحوث فيه عنها .

            وفيه نظر; لأن هذا الكلام لا يفيد ، ( إلا أن ) المذكور فيه عائد إلى المبادئ والموضوع والمسائل .

            والغرض ليس هذا ، ( بل ) الحصر في الأربعة المذكورة ، على ما لا يخفى .

            وقيل : إن المقصود ، بالقصد الأول ، من تأليف هذا المختصر : العمل ( بالأحكام ) ولا يمكن إلا بمعرفتها . ولها طرق ، وللطرق أمور تتعلق بها من جهة إفضائها إلى التمكن من العمل فإذا لا يكون المذكور إلا أمرا له مدخل في المعرفة ، وهو إما أن يكون المعرف نفسه ، أو لا .

            والأول : الأدلة السمعية . والثاني : إما أن يتوقف المعرف عليه ، أو لا .

            والأول : المبادئ . والثاني : إما أن يكون أمرا به تحصل غلبة طريق على آخر عند التعارض ، أو لا .

            [ ص: 11 ] والأول : الترجيح . والثاني : الاجتهاد ; إذ ليس لغير الاجتهاد بعد الثلاثة تعلق بالتمكن من العمل أصلا ; لأنه بعد تحقق الثلاثة إذا بذل المكلف جهده وعرفها ، حصلت معرفة الأحكام ، وتمكن من العمل المقصود بالقصد الأول .

            وهذا وإن كان أقرب [ إلى ] الصواب ، لكن فيه خلل ، وذلك لأن المراد من الاجتهاد إما معرفته ، أو نفسه .

            فإن كان الثاني فباطل ; لأن نفس الاجتهاد لا يكون من أجزاء المختصر . وإن كان الأول ، فلا نسلم ، أنه ليس بعد الثلاثة لغير الاجتهاد تعلق بالتمكن من العمل ; لأن الفقه غير الثلاثة ، وله تعلق بالتمكن من العمل .

            والأولى أن يقال : المقصود من تأليف هذا المختصر : هو : [ معرفة ] كيفية استنباط الأحكام من الأدلة التفصيلية . فما يذكر فيه إلا أمر له مدخل في المعرفة .

            فالمذكور فيه إما أن يتوقف البحث والشروع عليه ، أو لا .

            والأول : المبادئ . والثاني : إما الأدلة التي تستنبط منها الأحكام ، أو لا .

            والأول : الأدلة السمعية ، إذ لا مجال للعقل عندنا . [ ص: 12 ] والثاني ، إما أن يكون ترجيح الدلائل بعضها على بعض ، عند التعارض - لأن الأدلة السمعية لكونها ظنية يقع فيها التعارض - أو لا .

            والأول : الترجيح . والثاني : الاجتهاد ; إذ ليس بغير الاجتهاد بعد الثلاثة تعلق بمعرفة كيفية الاستنباط بالضرورة .

            والبيان من هذا الوجه ، وإن كان يمكن أن يناقش فيه ، لكن اندفع به النقض الوارد على الوجه الذي قبله .




            الخدمات العلمية