الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 396 ] وقدرت بحاله من : يوم ، أو جمعة . أو شهر ، أو سنة . [ ص: 397 ] والكسوة بالشتاء والصيف ، وضمنت بالقبض مطلقا : كنفقة الولد ، إلا لبينة على الضياع

التالي السابق


( وقدرت ) بضم فكسر مثقلا نفقة الزوجة من حيث الزمان ( ب ) حسب ( حاله ) أي الزوج في الاكتساب ( من يوم ) إن كان من الصناع ونحوهم الذين يقبضون أجرة عملهم كل يوم ( أو جمعة ) إن كان من الصناع الذين يقبضون أجرة عملهم كل جمعة ( أو شهر ) كأرباب الوظائف والجند الذين يقبضون مرتباتهم كل شهر ( أو سنة ) كأرباب الرزق والبساتين الذين يقبضون مرتباتهم كل سنة . ابن عرفة وفيها إن خاصمت زوجها في النفقة كم يفرض لها النفقة سنة أو قبلها بشهر قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ، وأرى أن ذلك على اجتهاد الوالي في عسر الرجل ويسره ليس الناس سواء اللخمي أجاز ابن القاسم أن يفرض سنة وقال سحنون لا يفرض سنة ; لأن الأسواق تحول وأرى أن يوسع في المدة إن كان الزوج موسرا ولم يؤد إلى ضرره ; لأن الشأن أن الفرض عند مقابحة الزوجين وقلة الإنصاف وفي قصر المدة ضرر في تكرير الطلب عند لدده فإن كان موسرا فالأشهر الثلاثة أو الأربعة حسن وفي المتوسط الشهر أو الشهران وإن كان ذا صنعة فالشهر فإن لم يقدر فعلى قدر ما يرى أنه يستطيع أن يقدمه . ابن عرفة .

هل مرادهم بالمدة مدة دوام القدر المفروض أو مدة ما يقضى بتعجيله ، والأول ظاهر تعليل سحنون منع السنة بأن الأسواق تحول ، والثاني نص اللخمي وتعليلهم باعتبار حال الزوج وفي كتاب ابن سحنون سئل عمن لا يجد ما يجري على امرأته رزق شهر هل يجري عليها رزق يوم بيوم من خبز السوق قال نعم يجري رزق يوم بيوم بقدر طاقته قيل فإن كان له جدة وليس بالمليء فطلبها أن يرزقها جمعة بجمعة [ ص: 397 ] قال بقدر ما يرى السلطان من جدته من الناس من يجري يوما بيوم ومنهم جمعة بجمعة ومنهم شهرا بشهر . ابن عرفة .

انظر لم يقع لفظ الخبز إلا في كلام السائل مع إضراب سحنون عنه في لفظ جوابه ومقتضى متقدم أقوالهم عدم فرض الخبز وفي نوازل ابن الحاج فقد يكون باليوم أو بالجمعة أو بالشهر ، وقد يكون بخبز السوق ( و ) قدرت ( الكسوة ) مرتين في السنة فتكسى ( بالشتاء ) ما يناسبه ( والصيف ) ما يناسبه إن لم تناسب كسوة كل الآخر عادة ( إن خلقت ) كسوة كل بحيث لا تكفي العام الثاني فإن لم تخلق وكان فيها كفاية كالعام الأول أو قريبا منه فلا تفرض لها كسوة أخرى حتى تخلق والغطاء والوطاء شتاء وصيفا كذلك وعبارة المنتخب فعلى الزوج كسوتها الشتاء والصيف مما لا غنى للنساء عنه في ليلهن ونهارهن وصيفهن وشتائهن على أقدارهن وأقدار أزواجهن فهي في كل بلد بحسب عرف أهلها وعادتهم في اللباس وبحسب يسر الزوج وحال المرأة .

( وضمنت ) بضم الضاد المعجمة أي تضمن الزوجة نفقتها الشاملة لكسوتها ( بالقبض ) من الزوج أو وكيله ( مطلقا ) عن تقييدها بكونها عن مدة ماضية أو حالة أو مستقبلة وعن كون ضياعها بلا بينة وعن كونه بسببها وعن عدم تصديقها الزوج ; لأنها قبضتها لحق نفسها . وشبه في الضمان بالقبض فقال ( كنفقة الولد ) بعد فطمه أي ما تنفقه عليه وهو في حضانتها فتضمنها إذا قبضتها وضاعت منها في كل حال ( إلا ل ) شهادة ( بينة ) بضياعها بلا تعد ولا تفريط منها فلا تضمنها ، ويخلفها الأب ، وأما نفقة الرضاع فتضمنها مطلقا ; لأنها قبضتها لحق نفسها ; لأنها أجرة الرضاع وكذا نفقة الولد لمدة ماضية سواء أنفقتها من مالها ; لأنها صارت دينا لها أو تداينتها من غيرها فهو دين عليها تتبع الأب بمثله فما [ ص: 398 ] قبضته عن الماضي إنما هو مالها فتضمنه مطلقا كما قاله البساطي وبابا والسوداني والبناني خلافا لتت وطفي . ابن عرفة وضياع نفقة الزوجة وكسوتها اللخمي عن محمد ولو قامت به بينة منها وهو ظاهرها قال ويتخرج فيها أنها منه قياسا على الصداق إذا كان عينا ; لأن محملها على أنها تكتسي نفس ذلك يعني ما لم يعرف أنها أمسكته لتلبس غيره وتبيعه ; لأنه لو كساها بغير حكم فلا تضمن ، وإنما فعل الحاكم ما حقها أن تفعله بغير حكم ، ويختلف إذا بليت الكسوة قبل الوقت الذي فرضت له فهل يكون حكما مضى أم لا كخارص يتبين خطؤه ومن أخذ دية عينه ثم برئت وأرى أن يرجع إلى ما تبين ; لأن هذا حقيقة والأول ظن ، ولأن من حق الزوج إذا انقضى أمد فرضها وهي قائمة أن لا شيء عليه حتى تبلى فكذا إذا بليت قبل .

ثم قال ابن محرز عن محمد إن ادعت تلف نفقة ولدها فلا تصدق ، ولو كانت لها بينة فلا ضمان عليها إلا في أجر الرضاع له ; لأنه شيء أخذته على وجه المعاوضة ونفقة ولدها إنما قبضتها للولد إلا أنه ليس محض أمانة لها من الزوج فتصدق في عدم البينة ; لأنه لو امتنع من دفعها لحكم عليه به فضارع ذلك حكم العواري والرهان والمشتري على خيار فإن قامت بتلفها بينة لم تضمنها ، وإلا ضمنتها ثم قال ففي ضمانها نفقتها لا لإرضاع ونفقة ولدها ثالثها نفقتها فقط وعزاها فانظره .




الخدمات العلمية