الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر هذان القولان فإن قلنا بقوله في الجديد : إنه لا يجوز لغيره البناء على عمله فالواجب أن يستأجر من تركته من يستأنف الإحرام بالحج عن المستأجر وعلى المستأجر الأجرة المسماة لورثة الأجير ، ولا شيء للأجير فيما عمله بنفسه ؛ لأنه لم يقع به اعتداد ولا يسقط به فرض وإن قلنا بقوله في القديم : إنه يجوز لغيره البناء على عمله نظر ؛ فإن مات الأجير قبل الوقوف بعرفة استؤجر من يستأنف عنه الإحرام بالحج ويقف بعرفة ؛ لأن الوقوف بعرفة لا يعتد به إلا بعد تقدم الإحرام عليه ، فإن كان الأجير قد سعى قبل عرفة لم يعد النائب عنه السعي بعد عرفة ؛ لأنه يبني على عمله ويأتي فيه بباقيه ، وإن لم يكن سعى قبل عرفة فعلى النائب عنه أن يسعى بعد عرفة وبعد الطواف ويأتي بباقي المناسك من الرمي والمبيت ، وإن مات الأجير بعد الوقوف بعرفة وقبل الطواف والسعي أحرم النائب عنه وأتى بأعمال العمرة وسواء كان النائب عنه وارثا أو أجنبيا مستأجرا ، ولا يجوز أن يكون إلا محلا ، نص عليه الشافعي ؛ لأن المحرم لا يصح عنه الإحرام عن غيره ، فإن قيل : فكيف تكون نيته في إحرامه ؟ قيل : لا يجوز أن ينوي الإحرام بالحج ؛ لأنه لا يلزمه الإتيان بجميع أركان الحج ومناسكه ولا ينوي الإحرام بالعمرة ؛ لأنها ليست من الحج ولا تجزئ عن شيء من أركانه ، ولكن ينوي الإحرام لما بقي على الأجير من أركان الحج ؛ لأنه يقوم مقامه في إتمام باقيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية