الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني : في الرضخ .

                                                                                                                                                                        فالصبي ، والعبد ، والمرأة ، والخنثى ، والزمن ، والذمي ، لا يسهم لهم ، لكن يرضخ لهم ، وهذا الرضخ مستحق على المشهور . وفي قول : مستحب . ويجتهد الإمام في قدره ، ولا يبلغ به سهم راجل إن كان من يرضخ له راجلا . وإن كان فارسا ، فوجهان ، بناء على أنه هل يجوز أن يبلغ تعزير الحر حد العبيد ؟ وبالمنع قطع الماوردي . وسواء حضر العبد بإذن سيده ، والصبي بإذن وليه ، والمرأة بإذن زوجها ، أم بغير إذنهم .

                                                                                                                                                                        وإن حضر الذمي بغير إذن الإمام ، لم يستحق شيئا على الصحيح ، بل يعزره الإمام آن ذلك . وإن حضر بإذنه ، فإن كان استأجره ، فله الأجرة فقط ، وإلا ، فله الرضخ على الصحيح . وقيل : لا شيء له . وقيل : إن قاتل ، استحق ، وإلا ، فلا . وإذا حضر نساء أهل الذمة بإذن الإمام ، فلهن الرضخ على الأصح .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يفاوت الإمام بين أهل الرضخ بحسب نفعهم ، فيرجح المقاتل ومن قتاله [ ص: 371 ] أكثر على غيره ، والفارس على الراجل ، والمرأة التي تداوي الجرحى وتسقي العطاش على التي تحفظ الرجال ، بخلاف سهم الغنيمة ، فإنه يستوي فيه المقاتل وغيره ؛ لأنه منصوص عليه . والرضخ بالاجتهاد ، كدية الحر وقيمة العبد .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        في محل الرضخ للعبيد والصبيان والنساء ، ثلاثة أقوال : أظهرها : من أربعة أخماس الغنيمة . والثاني : من أصلها . والثالث : من خمس الخمس ، وأهل الذمة كالعبيد على المذهب . وقيل : يرضخ لهم من خمس الخمس قطعا . وحيث رضخنا من أصل الغنيمة يبدأ به كالسلب ، ثم يقسم الباقي خمسا وأربعة أخماس .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا انفرد العبيد والنساء والصبيان بغزوة وغنموا ، خمست . وفي الباقي أوجه . أصحها : يقسم بينهم كما يقسم الرضخ على ما يقتضيه الرأي من تسوية وتفضيل . والثاني : يقسم كالغنيمة ، للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم . والثالث : يرضخ لهم منه ، ويجعل الباقي لبيت المال . وخصص البغوي هذا الخلاف بالصبيان والنساء ، وقطع في العبيد بكونه لسادتهم ، وحكى أنه لو سبى مراهقون أو مجانين صغارا ، حكم بإسلامهم تبعا لهم . أما إذا كان مع أهل الرضخ واحد من أهل الكمال ، فيرضخ لهم ، والباقي لذلك الواحد .

                                                                                                                                                                        [ ص: 372 ] فرع

                                                                                                                                                                        لا يخمس ما أخذه الذميون من أهل الحرب ؛ لأن الخمس حق يجب على المسلمين كالزكاة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        من قاتل من أهل الكمال أكثر من غيره ، رضخ له مع السهم ، كذا ذكره المسعودي والبغوي ، ومنهم من ينازع كلامه فيه . وقيل : يزاد من سهم المصالح ما يليق بالحال .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو زال نقص أهل الرضخ ، فعتق العبد ، وأسلم الكافر ، وبلغ الصبي قبل انقضاء دار الحرب ، أسهم لهم ، وإن كان بعد انقضائها ، فقد أطلق الماوردي أنه ليس لهم إلا الرضخ ، وينبغي أن يجيء فيما بين انقضاء الحرب وحيازة المال ، الخلاف الآتي فيمن حضر في هذا الحال .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية