الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال أبو الحسن الآمدي : "الوجه الثالث -يعني في بيان تناقضهم- أن [من] مذهبهم أن القول الحادث والإرادة الحادثة عرض كاللون والطعم والرائحة ، وأنه يجوز في الشاهد تعري [ ص: 103 ] الجواهر عن الأقوال والإرادات ، والطعوم والروائح والألوان ، مع جواز اتصافها بها ، وقد أحالوا قيام الألوان والطعوم والروائح بذات الله تعالى ، وجوزوا ذلك في القول والإرادة ، ولو قيل لهم : لم قضيتم بجواز قيام الطعوم والألوان والروائح بذات الله تعالى من غير أن يلزم استحالة التعري عنها ، كما في القول الحادث والإرادة الحادثة ، لم يجدوا إلى الفرق سبيلا" .

فيقال : ولقائل أن يقول : جوابهم في هذا كجواب الأشعرية والسالمية ، إذا قيل لهم : لم وصفتم الرب بالقول والإرادة ، ولم تصفوه بالطعم واللون والريح؟

فإذا قالوا : لأن القول والإرادة من الصفات المشروطة بالحياة ، وهي صفة كمال، بخلاف الطعم واللون والريح ، أو غير هذا من الفرق -قالت الكرامية نظير ذلك ، فالفرق بين هذا وهذا ليس من خصائص مسألة حلول الحوادث ، فإن نفي ذلك عند من ينفيه واجب ، سواء قال بحلول الحوادث أو لم يقل ، وإنما يفترقان في أن هذا يجوز حدوث ذلك بخلاف الآخر ، فحاصله أنهم لم ينفوا الطعم واللون والريح ، لكونه لو قبلها لم يخل منها ، فإن هذا الأصل عندهم [ ص: 104 ] فاسد ، بل نفوها لما فارقت به صفات الحي .

وأيضا فيقال: الفرق الذي فرقوا به بين اللون والريح وبين القول والإرادة ، إما أن يكون مؤثرا ، وإما أن لا يكون . فإن كان مؤثرا بطل الإلزام ، وإن لم يكن مؤثرا لزم خطؤهم في إحدى الصورتين لا بعينها ، فلم لا يجوز أن يكون الخطأ فيما نفوه لا فيما أثبتوه ، فلا يدل على صحة قول المنازع لهم فيما أثبتوه ، فإن أقام المنازع لهم دليلا عقليا أو سمعيا على نفي اللون والريح ، دون القول والإرادة ، كان ذلك فرقا مؤثرا ، وإن أقام دليلا على نفي حلول الجميع ، كان ذلك حجة كافية دون الإلزام .

التالي السابق


الخدمات العلمية