الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أولا حملات التشويه

إذا ما بحثنا في حملات التشويه - والتي كانت مظهرا من مظاهر الغزو الفكري - وجدنا أن هـذه الحملات، مست كل ما يتصل بالإسلام من عقائد، ونظم، وتراث، وتاريخ، وفكر، وحياة.

(1) فهناك محاولة تشويه عقائد المسلمين، بغير سند ولا دليل. يقول رينان الفرنسي، وهو يصور عقيدة التوحيد في الإسلام : بأنها عقيدة تؤدي إلى حيرة المسلم. كما تحط به كإنسان إلى أسفل الدرك. [1]

ودائرة المعارف الإسلامية في طبعتها الجديدة، التي لم تترجم إلى اللغة العربية، تزعم فيما تعرضه تحت مادة: (ابن تيمية) ، أن ابن تيمية كان مسرفا في القول بالتجسيد، ومن ثم كان يفسر كل الآيات والأحاديث التي تشير إلى الله بظاهر اللفظ، وقد تشبع بهذه العقيدة، إلى درجة أن ابن بطوطة يروي عنه، أنه قال من منبر جامع دمشق: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هـذا، ثم نزل درجة من درج المنبر. [2]

(2) : وهناك محاولة: تشويه القرآن الكريم، وهي محاولة قديمة وحديثة، وهذه المحاولة كغيرها بعيدة عن العلم والمنطق. يقول المستشرق جب : إن محمدا قد تأثر بالبيئة التي عاش فيها، وشق [ ص: 65 ] طريقة بين الأفكار والعقائد الشائعة في بيئته، فالقرآن من صنع محمد صلى الله عليه وسلم ومن ملاءمات هـذه البيئة التي عاش فيها [3]

(3) : وهناك محاولة: تشويه السنة النبوية، وهي محاولات ضارية، عميقة الجذور في تاريخ الحرب ضد الاسلام، وهي محاولات تستهدف مما تستهدفه محاولات تشويه القرآن الكريم، من عزل المسلمين عن دينهم، بتشويه مصدرية الأساسين: القرآن والسنة. وهي حرب دخلت على المسلمين حديثا عن طريق الغزو الفكري، وقد جند أعداء الإسلام لتشويه السنة، ما جندوا من أقلام، وكتب، ومجلات، وبحوث، ومجمل محاولات الأعداء:

- الادعاء بأن هـناك بعض الأحاديث لا يمكن أن تكون قد صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

- والادعاء بأن محاولة وجود شيء في الحديث النبوي يمكن القطع بصحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم تاريخيا، محاولة فاشلة.

- الادعاء بأن الفرق الإسلامية عندما اختلفت في الآراء، أخذ كل منها يضع لنفسه الأحاديث التي يؤيد بها رأيه.

- الادعاء بأن الأحاديث النبوية ليست إلا سجلا للجدل الديني في القرون الأولى [4]

(4) : وهناك محاولة تشويه شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي محاولات قديمة وحديثة ومستمرة، تهاجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 66 ] وتحاول أن تنال من شخصه.

(5) : وهناك محاولة تشويه التاريخ الإسلامي، وهذه المحاولة من أخبث المحاولات وأكثرها دهاءا ومكرا فقد صور هـؤلاء الحاقدون على الإسلام والمسلمين، أن الفتوحات الإسلامية فتوحات غزو واستعمار، وأن الخلافة الإسلامية خلافة تآمر، وسفك للدماء، وغير ذلك كثير مما لا يقره عقل ولا دين.

(6) :محاولة تشويه التراث الإسلامي، ولا يخفى أن تشويه تراث الأمة، هـو تشويه للأصالة التي تنطلق منها. وتراث المسلمين تعرض لانتهاك هـؤلاء الحاقدين على كل ما هـو إسلامي، فأصابه ما أصاب غيره من الافتراء والافتئات.

(7) : هـناك محاولة تشويه مجال الغيب في الإسلام، وهذه المحاولة أريد منها زعزعة الإيمان بالغيب عند المسلمين، ولذا جاءت المحاولة تشكك في كل ما لا تدركه الحواس، وتفسر الجزاء عند المصدقين به. بأنه جزاء روحي، والجنة والنار بأنهما شعور نفسي.

(8) : وهناك محاولة تشويه نظام الحياة الإسلامية، وذلك بالادعاء بأنه لا يوجد نظام للحياة معروف في الإسلام.

والتهم التي وجهت إلى نظام الحياة الإسلامية كثيرة ولكن أبرزها وأخطرها:-

(أولا) : اتهامهم للقوانين والنظم الإسلامية بالرجعية وعدم القدرة على مواكبة ركب التحضر والتقدم. [5] [ ص: 67 ]

(ثانيا) : اتهامهم النظم الإسلامية بالمحلية والقصور والإقليمية.

(ثالثا) : اتهامهم لها بأنها عند التطبيق والتنفيذ، تعتمد على وحشية أو هـمجية أو قسوة، وبخاصة فيما يتصل بالرجم والقطع والجلد.

(رابعا) : اتهامهم للقوانين والنظم الإسلامية، بأنها لم تحظ بإجماع المسلمين عليها في عصر من العصور.

(خامسا) : اتهامهم لها بأنها تتجاهل الأقليات غير الإسلامية، في ظل الدولة الإسلامية.

وهذه التهم قد أطلقها أعداء الإسلام من غير المسلمين، وشاركهم في إطلاقها بعض المسلمين المخدوعين بالفكر الغربي.

(9) : وهناك محاولات تشويهية أخرى، تتصل بجوانب من الإسلام وتعاليمه.

التالي السابق


الخدمات العلمية