[ ص: 85 ] الاعتراض الثامن - سؤال عدم التأثير
وهو إبداء وصف في الدليل مستغنى عنه في إثبات الحكم أو نفيه ، وقد قسمه الجدليون أربعة أقسام :
الأول : ، وذلك بأن يكون الوصف المأخوذ في الدليل طرديا لا مناسبة فيه ولا شبه ، عدم التأثير في الوصف [1] وذلك كما يقال في صلاة الصبح : صلاة لا يجوز قصرها ، فلا تقدم في الأداء على وقتها كالمغرب فإن عدم القصر وصف طردي بالنسبة إلى الحكم المذكور .
الثاني : وهو أن يكون الوصف قد استغني عنه في إثبات الحكم في الأصل المقيس عليه بغيره ، وذلك كما إذا قال المستدل في بيع الغائب ، مبيع غير مرئي ، فلا يصح بيعه كالطير في الهواء والسمك في الماء فإن ما وجد في الأصل من العجز عن التسليم مستقل بالحكم . عدم التأثير في الأصل
وهذا النوع مما اختلف فيه ، فرده الأستاذ ومن تابعه مصيرا منهم إلى أنه إشارة إلى علة أخرى في الأصل ولا يمتنع تعليل الحكم الواحد في محل واحد بعلتين . أبو إسحاق الإسفراييني
ومنهم من قبله مصيرا منهم إلى امتناع الحكم بعلتين ، وقد سبق تقرير كل واحد من المأخذين وما هو المختار منهما .
الثالث : ، وهو أن يذكر في الدليل وصفا لا تأثير له في الحكم المعلل ، وذلك كما لو قال المستدل في مسألة المرتدين إذا أتلفوا أموالنا : طائفة مشركة فلا يجب عليهم الضمان بتلف أموالنا في دار الحرب كأهل الحرب ، فإن الإتلاف في دار الحرب لا تأثير له في نفي الضمان ضرورة الاستواء في الحكم عندهم بين الإتلاف في دار الحرب ودار الإسلام . عدم التأثير في الحكم
[ ص: 86 ] وحاصل هذا القسم يرجع إلى عدم التأثير في الوصف بالنسبة إلى الحكم المذكور إن كان طرديا ، أو إلى سؤال الإلغاء إن كان مؤثرا .
الرابع : ، وهو أن يكون الوصف المذكور في الدليل لا يطرد في جميع صور النزاع وإن كان مناسبا . عدم التأثير في محل النزاع
وذلك كما لو قال المستدل في مسألة ولاية المرأة زوجت نفسها من غير كفء فلا يصح نكاحها ، وذلك من حيث إن النزاع وقع فيما إذا زوجت نفسها من الكفء وغير الكفء .
وهذا أيضا مما اختلف في قبوله ، فرده قوم مصيرا منهم إلى منع جواز الفرض في الدليل ، وقبله من لم يمنع من ذلك ، وهو المختار على ما عرفناه في كتاب الجدل .
وإذا بطل القسم الرابع ، وهو عدم التأثير في محل النزاع ورجع حاصل القسم الثالث ، وهو عدم التأثير في الحكم إلى عدم التأثير في الوصف أو الإلغاء ، فلم يبق غير عدم التأثير في الوصف وعدم التأثير في الأصل ، وعدم التأثير في الوصف راجع إلى بيان انتفاء مناسبة الوصف ، وسؤال المطالبة يغني عنه ، وجوابه جوابه فلا يجتمعان ، وعدم التأثير في الأصل ، فحاصله يرجع إلى المعارضة في الأصل لا أنه غيره ، وجوابه كما يأتي .
ومع ذلك كله فقد يكون أخذ الوصف الذي لا يناسب الحكم في الدليل مفيدا ، بأن يكون مشيرا إلى نفي المانع الموجود في صورة النقض أو وجود الشرط الفائت فيها لقصد ، أو مشيرا إلى قصد الفرض في الدليل في بعض صور النزاع ، كما ذكر من مثال أخذ الإتلاف في دار الحرب في مسألة المرتدين ، ولا يكون عديم التأثير ؛ إذ هو غير مستغنى عنه في إثبات الحكم إما لقصد دفع النقص أو لقصد الفرض .