الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش - اعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=20588_20484ما هو من باب الوضع اختلفوا في كونه حكما شرعيا أم لا .
فقال قوم : خطاب الله تعالى كما يرد [ بالاقتضاء ] والتخيير ، فقد يرد لجعل الشيء سببا وشرطا ومانعا . فلله تعالى في الزاني حكمان : أحدهما وجوب الحد عليه . والثاني جعل الزنا سببا لوجوب الحد .
واختار المصنف هذا المذهب . فلهذا التزم وجوب ذكر الوضع في تعريف الحكم لاستقامته . وليس المراد من الحكم الوضعي كون الزنا مثلا سببا لوجوب الحد ، بل المراد حكم الشرع بكونه سببا ، أي معرفا لوجوب الحد . فتكون الأقسام الثلاثة المذكورة حكما وضعيا .
وأما nindex.php?page=treesubj&link=20644_20590الصحة والبطلان ، فقيل : إنهما من باب الوضع ; لأنهما من الأحكام وليست داخلة في الاقتضاء والتخيير ; لأن الحكم بصحة العبادة وبطلانها ، وكذا بصحة المعاملات وبطلانها لا يفهم منه اقتضاء ولا تخيير .
وقال آخرون : الصحة معناها : الإباحة . والبطلان معناه : الحرمة .
[ ص: 409 ] وذهب المصنف إلى أن الصحة والبطلان ، أو الحكم بالصحة والبطلان أمر عقلي ، غير مستفاد من الشرع ، فلا يكون داخلا في الحكم الشرعي .
وإنما قلنا : إنها أمر عقلي ; لأن الصحة في العبادة إما كون الفعل مسقطا للقضاء ، كما هو مذهب الفقهاء ، أو موافقته لأمر الشريعة ، كما هو مذهب المتكلمين . فصلاة من ظن أنه متطهر ، ثم تبين خطؤه غير صحيحة على الأول ; لعدم [ سقوط ] القضاء ، وصحيحة على الثاني ; لكونها متوافقة لأمر الشرع . ولا شك أن العبادة إذا اشتملت على أركانها وشرائطها حكم العقل بصحتها بكل من التفسيرين ، سواء حكم الشارع بها أو لا .
وأما الصحة في المعاملات فلم يتعرض المصنف لها . ويمكن أن يقال : [ إنها أيضا ] أمر عقلي ; لأن الصحة في المعاملات : كون الشيء بحيث يترتب عليه أثره . وإذا كان الشيء مشتملا على الأسباب والشرائط وارتفاع الموانع ، حكم العقل بترتب أثره عليه ، سواء حكم الشرع بها أو لم يحكم .
والبطلان والفساد عندنا نقيض الصحة . فهما مترادفان .
[ ص: 410 ] وقالت الحنفية : nindex.php?page=treesubj&link=20648الفاسد قسم متوسط بين الصحيح والباطل . nindex.php?page=treesubj&link=20645فالصحيح ما شرع بأصله ووصفه . nindex.php?page=treesubj&link=20645والباطل ما لم يشرع بأصله ووصفه ، كبيع الملاقيح . nindex.php?page=treesubj&link=20645والفاسد ما شرع بأصله ولم يشرع بوصفه .
كعقد الربا فإنه مشروع من حيث إنه بيع ، وممنوع عنه من حيث إنه يشتمل على وصف الزيادة .