6046 ص: ففي هذه الآثار إباحة كسب الحجام، فاحتمل أن يكون ذلك تأخر عن النهي الذي ذكرناه، أو تقدمه.
فنظرنا في ذلك فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن يوسف. (ح
6047 وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث ، قالا: ثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن عفير الأنصاري ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة الأنصاري ، عن محيصة بن مسعود الأنصاري: " أنه كان له غلام حجام يقال له: نافع أبو طيبة، فانطلق إلى رسول الله -عليه السلام- يسأله عن خراجه، فقال: لا تقربه، فردد على رسول الله -عليه السلام-، فقال: اعلف به الناضح، اجعلوه في كرشه". .
6048 حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا عمر بن يونس ، قال: ثنا عكرمة بن عمار ، قال: ثنا طارق بن عبد الرحمن: " أن رفاعة بن رافع - أو رافع بن رفاعة الشك منهم- جاء إلى مجلس الأنصار، ، فقال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن كسب الحجام، وأمرنا أن نطعمه ناضحنا". .
[ ص: 380 ] 6049 حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث ، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن حرام بن سعد بن محيصة ، عن محيصة رجل من بني حارثة كان له حجام، واسم الرجل محيصة: "سأل رسول الله -عليه السلام- عن ذلك فنهاه أن يأكل كسبه، ثم عاد فنهاه، ثم عاد فنهاه، ثم عاد فنهاه، فلم يزل يراجعه حتى قال له رسول الله -عليه السلام-: اعلف كسبه ناضحك، ، وأطعمه رقيقك". .
6051 حدثنا إسماعيل بن يحيى، قال: ثنا محمد بن إدريس ، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، عن حرام بن سعد بن محيصة الحارثي ، عن أبيه: " أنه سأل رسول الله -عليه السلام-...." ثم ذكر مثله.
6052 حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب... فذكر بإسناده مثله.
6053 حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب ، عن حرام بن محيصة، حدثني حارثة ، عن أبيه... فذكر مثله.
فدل ما ذكرنا أن ما كان من رسول الله -عليه السلام- من الإباحة في هذا إنما كان بعد نهيه عنه نهيا مطلقا، على ما في الآثار الأول، وفي إباحة النبي -عليه السلام- أن يطعمه الرقيق والناضح دليل على أنه ليس بحرام، ألا ترى أن المال الحرام الذي لا يحل للرجل كله لا يحل له أيضا أن يطعمه رقيقه ولا ناضحه؟ ؛ لأن رسول الله -عليه السلام- قد قال في الرقيق: "أطعموهم مما تأكلون"، فلما ثبت إباحة النبي -عليه السلام- لمحيصة أن يعلف ذلك ناضحه، ، ويطعم رقيقه من كسب حجامه، دل ذلك على نسخ ما كان تقدم من نهيه عن ذلك، وثبت حل ذلك لغيره، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد، ، وهذا هو النظر أيضا عندنا؛ لأنا قد رأينا الرجل يستأجر الرجل ليفصد له عرقا أو يبزغ له حمارا فيكون ذلك جائزا، والاستئجار على ذلك جائزا، والحجامة أيضا كذلك.
[ ص: 381 ]


