الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7437 7438 ص: وقد ذهب أهل بدر إلى مواريث ذوي الأرحام، فمما روي عنهم في ذلك ما قد ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا، عن عمر - رضي الله عنه - في كتابه إلى أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - فلم ينكر أبو عبيدة ذلك عليه، فدل أن مذهبه فيه كان كمذهبه.

                                                وقد حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا يزيد بن هارون ، قال: أنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، قال: " أتي زياد في رجل مات وترك عمته وخالته، فقال: هل تدرون كيف قضى عمر - رضي الله عنه - فيها؟ قالوا: لا، قال: والله إني لأعلم الناس بقضاء عمر - رضي الله عنه - فيها، جعل العمة بمنزلة الأخ والخالة بمنزلة الأخت، فأعطى العمة الثلثين والخالة الثلث".

                                                7439 حدثنا علي ، قال: ثنا يزيد ، قال: أنا يزيد بن إبراهيم ، والمبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن عمر ، - رضي الله عنه -: " أنه جعل للعمة الثلثين وللخالة الثلث".

                                                7440 حدثنا علي ، قال: ثنا يزيد ، قال: أنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن [ ص: 264 ] مسروق، قال: "أتي عبد الله - رضي الله عنه - في إخوة لأم وأم، فأعطى الإخوة لأم الثلث، وأعطى الأم سائر المال، وقال: الأم عصبة من لا عصبة له، وكان لا يرد على إخوة لأم مع أم، ولا على ابنة ابن مع ابنة الصلب، ولا على أخوات لأب مع أخت لأب وأم، ولا على امرأة، ولا على جدة، ولا على زوج".

                                                7441 حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا يزيد، قال: أنا قيس بن الربيع ، عن أبي حصين ، عن يحيى بن وثاب ، عن مسروق ، عن عبد الله قال: " الخالة والدة". .

                                                7442 حدثنا علي ، قال: ثنا يزيد ، قال: أنا حبيب بن أبي حبيب ، عن عمرو بن هرم ، عن جابر بن زيد: " ، أن عمر - رضي الله عنه - قضى للعمة الثلثين والخالة الثلث".

                                                7443 حدثنا علي، قال ثنا يزيد، قال: أنا حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله، عن عمر - رضي الله عنه - مثله.

                                                7444 حدثنا علي ، قال: ثنا يزيد ، قال: أنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن فضيل ، عن إبراهيم قال: "كان عمر وعبد الله - رضي الله عنهما - يورثان الأرحام دون الولاء. قلت: أفكان علي - رضي الله عنه - يفعل ذلك؟ قال: كان علي - رضي الله عنه - أشدهم في ذلك".

                                                7445 حدثنا علي ، قال: ثنا يزيد ، قال: أنا عبيدة ، عن حيان الجعفي ، عن سويد بن غفلة ، أن رجلا مات وترك ابنته وامرأته ومولاه، قال سويد: " : إني لجالس عند علي ، - رضي الله عنه - إذ جاءته مثل هذه الفريضة، فأعطى ابنته النصف، وامرأته الثمن، ثم رد ما بقي على ابنته ولم يعط المولى شيئا".

                                                7446 حدثنا علي بن زيد ، قال: ثنا عبدة بن سليمان ، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا سفيان ، عن حيان الجعفي ، قال: كنا عند سويد بن غفلة ... ، ثم ذكر مثله.

                                                7447 حدثنا علي ، قال: ثنا عبدة ، قال: أنا ابن المبارك ، قال: أنا شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر، قال: "كان علي يرد بقية المواريث على ذي السهام من ذوي الأرحام".

                                                [ ص: 265 ] 7448 حدثنا علي ، قال: ثنا عبدة ، قال: أنا ابن المبارك ، قال: أنا سفيان ، عن مطرف ، عن الشعبي ، قال: "أتي زياد في عم لأم وخالة، فقال: ألا أخبركم بقضاء عمر - رضي الله عنه - فيهما؟ أعطى العم للأم الثلثين، وأعطى الخالة الثلث".

                                                7449 حدثنا علي ، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك ، قال: أنا شعبة ، عن سليمان، قال: قال عبد الله بن مسعود: " : للعمة الثلثان، وللخالة الثلث، . فقلت: أسمعته من إبراهيم؟ ؟ فقال: هو أول ما سمعته منه".

                                                7450 حدثنا علي قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك ، عن شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، مثله.

                                                فهؤلاء أهل بدر قد ورثوا ذوي الأرحام بأرحامهم وإن لم يكونوا عصبة، فإن كان إلى التقليد فتقليد هؤلاء أولى.

                                                وإن كان إلى ما روي عن رسول الله -عليه السلام- فقد ذكرنا ما روي عنه في هذا الباب.

                                                وإن كان إلى النظر فإنا قد رأينا العصبة يورثون إذا كانوا ذكورا، ورأينا بعضهم إذا كان لهم من القرب ما ليس لبعض كان بذلك القرب أولى بالميراث ممن هو أبعد منه وكان المسلمون إذا لم يكن للميت عصبة يرثونه جميعا، فإذا كان بعضهم أقرب إليه من بعض فالنظر على ما ذكرنا أن يكون من قرب منه أولى بالميراث ممن هو أبعد منه فمن من المتوفى من المسلمين.

                                                فثبت بالنظر أيضا ما ذكرنا وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بهذا الكلام إلى أن مذهب من يرى بتوريث ذوي الأرحام أقوى المذاهب، وأحقها بالعمل وأحراها بالقبول؛ وذلك لأنه مذهب أهل بدر المغفور لهم، نحو: عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنهم -، ووردت به السنة أيضا، وشهد له النظر أيضا، وأشار إلى ذلك بقوله: فإن كان إلى التقليد...إلى آخره.

                                                [ ص: 266 ] أي فإن كان الأمر في مثل هذا راجعا إلى تقليد أحد، فتقليد مثل هؤلاء السادات من الصحابة أولى، وإن كان الأمر في ذلك إلى السنة فقد رويت في ذلك أحاديث كثيرة على ما مضى ذكرها في هذا الباب، وإن كان الأمر في ذلك إلى النظر والقياس فوجه النظر أيضا يشهد لذلك وهو قوله: فإنا قد رأينا العصبة...إلى آخره.

                                                ثم إنه أخرج عن البدريين من ثلاثة عشر وجها:

                                                الأول: عن علي بن شيبة بن الصلت ، عن يزيد بن هارون الواسطي شيخ أحمد ، عن داود بن أبي هند دينار البصري ، عن عامر الشعبي، قال: "أتي زياد...." وهو زياد بن حدير الأسدي أبو المغيرة الكوفي .

                                                هذا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا ابن إدريس ، عن داود ، عن الشعبي ، عن زياد، قال: "إني لأعلم ما صنع عمر - رضي الله عنه -، جعل العمة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة الأم".

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث يزيد، نا داود بن أبي هند ، عن الشعبي: "أتي زياد في رجل توفي وترك عمته وخالته، فقال: هل تدرون كيف قضى عمر - رضي الله عنه -؟ قالوا: لا، فقال: والله إني لأعلم الناس بقضاء عمر - رضي الله عنه - فيها، جعل العمة بمنزلة الأخ، والخالة بمنزلة الأخت، فأعطى العمة الثلثين، والخالة الثلث".

                                                وقال: ورواه الحسن ، وأبو الشعثاء ، وبكر بن عبد الله: "أن عمر - رضي الله عنه - جعل للعمة الثلثين، وللخالة الثلث".

                                                وهذه مراسيل، ورواية المدنيين عن عمر أولى.

                                                [ ص: 267 ] قلت: رواية زياد ، عن عمر - رضي الله عنه - صحيحة متصلة.

                                                وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، عن عمر - رضي الله عنه -: "أنه قسم المال بين عمته وخالته".

                                                وهذا أيضا سند صحيح متصل.

                                                وقال صاحب "الاستذكار": ولم يختلف أهل العراق أنه ورثهما، واختلفوا فيما قسمه لهما.

                                                الثاني: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن يزيد بن إبراهيم التستري البصري ، والمبارك بن فضالة بن أبي أمية القرشي، كلاهما عن الحسن البصري ، عن عمر - رضي الله عنه -.

                                                وهذا منقطع.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": نا وكيع ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن ، عن عمر - رضي الله عنه - قال: "للعمة الثلثان، وللخالة الثلث".

                                                الثالث: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن سفيان الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم النخعي ، عن مسروق بن الأجدع ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

                                                وهذا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن مسروق، قال: "أتي عبد الله في أم وإخوة لأم، فأعطى الأم السدس، والإخوة الثلث، ورد ما بقي على الأم، وقال: الأم [ ص: 268 ] عصبة من لا عصبة له، وكان ابن مسعود لا يرد على أخت لأب مع أخت لأب وأم، ولا على ابنة ابن مع ابنة صلب".

                                                الرابع: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن قيس بن الربيع الأسدي الكوفي -فيه مقال كثير- عن أبي حصين -بفتح الحاء وكسر الصاد- عثمان بن عاصم الأسدي ، عن يحيى بن وثاب الأسدي الكوفي المقرئ ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث يزيد بن هارون ، عن محمد بن سالم ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله، قال: "الخالة بمنزلة الأم، والعمة بمنزلة الأب، وابنة الأخ بمنزلة الأخ، وكل ذي رحم بمنزلة الرحم التي تليه إذا لم يكن وارث ذو قرابة".

                                                الخامس: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن حبيب بن أبي حبيب الجرمي النصري -صاحب الأنماط- عن عمرو بن هرم الأزدي البصري ، عن جابر بن زيد اليحمدي الجوفي -بالجيم والفاء- عن عمر - رضي الله عنه -.

                                                وهذا منقطع؛ لأن جابر بن زيد هو أبو الشعثاء لم يدرك عمر - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه البيهقي معلقا.

                                                السادس: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني البصري ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

                                                وهذا أيضا منقطع؛ لأن بكرا لم يدرك عمر - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه البيهقي معلقا.

                                                [ ص: 269 ] السابع: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن سفيان الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن فضيل بن عمرو الفقيمي ، عن إبراهيم النخعي ، عن عمر .

                                                وهذا أيضا منقطع.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا جرير ، عن منصور ، عن فضيل ، عن إبراهيم، قال: " كان عمر وعبد الله - رضي الله عنهما - يعطيان الميراث ذوي الأرحام. قال فضيل: قلت لإبراهيم: فعلي - رضي الله عنه -؟ قال: كان أشدهم في ذلك أن يعطي ذوي الأرحام".

                                                الثامن: عن علي بن شيبة أيضا، عن يزيد بن هارون ، عن عبيدة -بفتح العين وكسر الباء الموحدة- بن حميد الكوفي ، عن حيان -بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف- بن سليمان الجعفي ، عن سويد بن غفلة .

                                                وهذا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حيان الجعفي ، عن سويد بن غفلة: "أن عليا - رضي الله عنه - أتي في ابنة وامرأة وموال، فأعطى الابنة النصف، والمرأة الثمن، ورد ما بقي على الابنة، ولم يعط الموالي شيئا".

                                                التاسع: عن علي بن زيد الفرائضي ، عن عبدة بن سليمان المروزي ، عن عبد الله بن المبارك المروزي ، عن سفيان الثوري ، عن حيان الجعفي ، عن سويد .

                                                وهذا أيضا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث أبي عوانة ، عن منصور ، عن حيان -بياع الأنماط- قال: "كنت جالسا مع سويد بن غفلة...." .

                                                [ ص: 270 ] ومن حديث الثوري ، عن حيان الجعفي، قال: "كنت عند سويد، فأتي في ابنة وامرأة ومولى، فقال: كان علي - رضي الله عنه - يعطي الابنة النصف، والمرأة الثمن، ويرد ما بقي على الابنة".

                                                العاشر: عن علي بن زيد أيضا، عن عبدة بن سليمان ، عن عبد الله بن المبارك ، عن شريك بن عبد الله ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم -.

                                                وهذا إسناد منقطع ومعلول بجابر الجعفي .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع ، عن شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر: "أن عليا - رضي الله عنه - كان يرد على ذوي السهام من الأرحام".

                                                الحادي عشر: عن علي بن زيد أيضا، عن عبدة بن سليمان ، عن عبد الله بن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن مطرف بن طريف الحارثي ، عن عامر الشعبي، قال: "أتي زياد وهو زياد بن حدير" .

                                                وهذا إسناد صحيح.

                                                الثاني عشر: عن علي بن زيد أيضا، عن عبدة بن سليمان ، عن عبد الله بن المبارك ، عن شعبة بن الحجاج ، عن سليمان الأعمش، قال: قال عبد الله بن مسعود .

                                                وهذا منقطع.

                                                قوله: "فقلت: أسمعته من إبراهيم؟ " أي: قال شعبة: فقلت لسليمان الأعمش: أسمعت هذا من إبراهيم النخعي؟ .

                                                وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا سعيد بن عمرو، ثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم، قال: قال ابن مسعود: "للعمة الثلثان، وللخالة الثلث".

                                                [ ص: 271 ] الثالث عشر: عن علي بن زيد أيضا، عن عبدة بن سليمان ، عن عبد الله بن المبارك ، عن شعبة ، عن المغيرة بن مقسم الضبي ، عن إبراهيم النخعي ، عن عبد الله بن مسعود .

                                                وهذا أيضا منقطع.




                                                الخدمات العلمية