الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4987 ص: حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان: " ، أن عبدا سرق وديا من حائط رجل فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه، فوجده فاستعدى على العبد عند مروان بن الحكم، ، فسجن العبد وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج ، - رضي الله عنه - فأخبره أنه سمع رسول الله -عليه السلام- يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر، ، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غلامي وهو يريد قطع يده، وأنا أحب أن تمشي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله -عليه السلام- فمشى معه رافع حتى أتى مروان ، فقال: أخذت عبدا لهذا؟ فقال: نعم، قال: ما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده، فقال له رافع: : إني سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر. ، فأمر مروان بالعبد فأرسل". .

                                                4988 حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال: ثنا محمد بن إدريس ، عن سفيان بن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان: " ، أن عبدا سرق وديا من حائط رجل فغرسه في مكان آخر، فأتي به مروان، ، فأراد أن يقطعه، فشهد رافع بن خديج - رضي الله عنه - أن النبي -عليه السلام- قال: "لا قطع في ثمر ولا كثر".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان:

                                                الأول: منقطع على ما يأتي: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن يحيى بن حبان -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة...إلى آخره.

                                                [ ص: 28 ] وأخرجه مالك في "موطئه"، وأبو داود: عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ...إلى آخره نحوه.

                                                وله في رواية أخرى قال: "فجلده مروان جلدات، فخلى سبيله".

                                                وإنما قلنا: إنه منقطع؛ لأن محمد بن يحيى لم يسمعه من رافع .

                                                الثاني: متصل: عن المزني ، عن الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ...إلى آخره.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من طريق الشافعي .

                                                والترمذي: عن قتيبة ، عن الليث ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان، أن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: "لا قطع في ثمر ولا كثر".

                                                وكذا أخرجه النسائي وابن ماجه مختصرا.

                                                وقد خولف ابن عيينة في ذلك ولم يتابع عليه إلا ما رواه حماد بن دليل المدائني ، عن سعيد؛ فإنه رواه عن شعبة ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن رافع. كما رواه مالك، وكذلك رواه الثوري ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وأبو عوانة ، ويزيد بن هرمز ، وأبو خالد الأحمر ، وعبد الوارث بن سعيد ، وأبو معاوية. كلهم عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى ، عن رافع بن خديج .

                                                وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: حماد بن دليل ليس به بأس، كان على المدائن قاضيا، ولا أدري من أين أصله.

                                                [ ص: 29 ] قوله: "وديا" بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف، على وزن فعيل وهو صغار الفسيل، الواحدة ودية، قاله الجوهري، وقال الأصمعي: الودي صغار النخل، واحدتها ودية، وهو أيضا للفسيل واحدته فسيلة.

                                                قوله: "من حائط" الحائط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار، ومنه: "على أهل الحوائط حفظها بالنهار" يعني البساتين.

                                                قوله: "يلتمس" أي يطلب.

                                                قوله: "فاستعدى على العبد" من العدوى وهو طلبك إلى الوالي ليعديك على من ظلمك، أي ينتقم منه، يقال: استعديت الأمير فأعداني، أي استعنت به عليه فأعانني عليه، والاسم منه العدوى وهي المعونة.

                                                قوله: "لا قطع في ثمر" أراد به الثمر الذي هو معلق في النخل قبل أن يجذ ويحرز، وعلى هذا تأوله الشافعي وقال: حوائط المدينة ليست بحرز، وأكثرها تدخل من جوانبها، ومن سرق من حائط من ثمر معلق لم يقطع، فإذا أواه الحربي قطع.

                                                قوله: "ولا كثر" بفتحتين، وقد فسرناه عن قريب.




                                                الخدمات العلمية