الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وللهداية ثلاث منازل الأولى : معرفة طريق الخير والشر ، المشار إليه بقوله تعالى : وهديناه النجدين وقد أنعم الله تعالى به على كافة عباده بعضه بالعقل وبعضه على لسان الرسل : ولذلك قال تعالى وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ، فأسباب الهدى هي الكتاب والرسل وبصائر العقول وهي مبذولة ولا يمنع منها إلا الحسد والكبر ، وحب الدنيا ، والأسباب التي تعمي القلوب : وإن كانت لا تعمى الأبصار قال تعالى فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .

التالي السابق


(وللهداية ثلاث منازل) في الدنيا (الأولى: معرفة طريق الخير والشر، المشار إليهما بقوله تعالى: وهديناه النجدين ) هذا هو المشهور في التفسير، وقيل: طريق الثواب والعقاب، وقيل: طريق العقل والشرع، وقال مجاهد: الثديين. وكذلك قوله تعالى: إنا هديناه السبيل ، وقوله تعالى: وهديناهما الصراط المستقيم . (وقد أنعم الله به على كافة عباده) المكلفين (بعضه بالعقل) والفطنة والمعارف الضرورية، فعم به كل مكلف بل كل شيء حسب احتماله، كما قال تعالى: أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . فهذا هو القسم الأول من المنزلة الأولى، وأشار إلى القسم الثاني بقوله: (وبعضه على لسان الرسل) أي: الهداية التي جعلت للناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء، والرسل، وإنزال القرآن (ولذلك قال الله تعالى) : وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ، ولما كانت الهداية والتعليم يقتضي شيئين تعريفا من المعرف، وتعرفا في المعرف، وبهما تتم الهداية والتعليم، فإنه متى حصل البذل من الهادي والمعلم، ولم يصح القبول، صح أن يقال لم يهتد، ولم يعلم، اعتبارا بعدم القبول، وصح أن يقال هدي وعلم، اعتبارا ببذله. وعلى الاعتبار الثاني ينزل قوله تعالى : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ، فأسباب الهدى هي الكتب والرسل وبصائر العقول) التي هي مبدأ الهداية، (وهي مبذولة) لهم (ولا يمنع منها إلا الحسد والكبر، وحب الدنيا، والأسباب التي تعمي القلوب) أي: تغطي على بصيرتها، (وإن كانت لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) وعمى عين القلب الباطنة أشد من عمى العين الظاهرة، وإليه الإشارة بقوله تعالى: أم على قلوب أقفالها .




الخدمات العلمية