وفي الحديث أن رجلين من بني إسرائيل تواخيا في الله تعالى ، فكان أحدهما يسرف على نفسه : وكان الآخر عابدا ، وكان يعظه ويزجره فكان يقول : دعني وربي ، أبعثت علي رقيبا ؟! : حتى رآه ذات يوم على كبيرة ، فغضب ، فقال : لا يغفر الله لك !
قال : فيقول الله تعالى يوم القيامة : أيستطيع أحد أن يحظر : رحمتي على عبادي اذهب أنت فقد غفرت لك ، ثم يقول للعابد : وأنت فقد أوجبت لك النار .
قال فوالذي نفسي بيده لقد تكلم بكلمة أهلكت دنياه وآخرته
وروي أيضا أن لصا كان يقطع الطريق في بني إسرائيل أربعين سنة ، فمر عليه عيسى عليه السلام ، وخلفه عابد من عباد بني إسرائيل من الحواريين فقال اللص في نفسه هذا نبي الله يمر وإلى جنبه جواريه لو نزلت فكنت معهما ثالثا قال فنزل ، فجعل يريد أن يدنو من الحواري ويزدري نفسه تعظيما للحواري ، ويقول في نفسه : مثلي لا يمشي إلى جنب هذا العابد ،
قال : وأحس الحواري به فقال في نفسه : هذا يمشي إلى جانبي ! فضم نفسه ومشى إلى عيسى عليه الصلاة والسلام فمشى بجنبه فبقي اللص خلفه فأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه : الصلاة والسلام
قل لهما : ليستأنفا العمل ، فقد أحبطت ما سلف من أعمالهما ، أما الحواري فقد وأما الآخر فقد أحبطت سيئاته بما ازدرى على نفسه فأخبرهما بذلك ، وضم اللص إليه في سياحته ، وجعله من حواريه وروي عن مسروق أن نبيا من الأنبياء كان ساجدا فوطئ عنقه بعض العصاة حتى ألزق الحصى بجبهته قال : فرفع النبي عليه الصلاة والسلام رأسه مغضبا فقال : اذهب فلن يغفر الله لك ، فأوحى الله تعالى إليه : تتألى علي في عبادي ؟! إني قد غفرت له أحبطت حسناته لعجبه بنفسه ،
ويقرب من هذا ما روي عن رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت على المشركين ، ويلعنهم في صلاته ، فنزل عليه قوله تعالى ابن عباس ليس لك من الأمر شيء الآية ، فترك الدعاء عليهم ، وهدى الله تعالى عامة أولئك للإسلام وروي في الأثر أن رجلين كانا من العابدين متساويين في العبادة قال : فإذا أدخلا الجنة رفع أحدهما في الدرجات العلى على صاحبه ، فيقول : يا رب ما كان هذا في الدنيا بأكثر مني عبادة فرفعته علي في عليين ، فيقول الله سبحانه : إنه كان يسألني في الدنيا الدرجات العلى ، وأنت كنت تسألني النجاة من النار ، فأعطيت كل عبد سؤله وهذا يدل على أن لأن المحبة أغلب على الراجي منها على الخائف ، فكم من فرق في الملوك بين من يخدم اتقاء لعقابه ، وبين من يخدم ارتجاء لإنعامه وإكرامه ؛ العبادة على الرجاء أفضل ؛
ولذلك أمر الله تعالى بحسن الظن ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : سلوا الله الدرجات العلى فإنما تسألون كريما .