الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الخامس : وهو أقل الدرجات أن لا يدعو على السارق الذي ظلمه بالأخذ فإن فعل بطل توكله ، ودل ذلك على كراهته وتأسفه على ما فات ، وبطل زهده ، ولو بالغ بطل أجره أيضا فيما أصيب به ففي الخبر من دعا على ظالمه فقد انتصر وحكي أن الربيع بن خثيم سرق فرس له ، وكان قيمته عشرين ألفا وكان قائما يصلي ، فلم يقطع صلاته ، ولم ينزعج لطلبه فجاءه قوم يعزونه ، فقال : أما إني قد كنت رأيته ، وهو يحله قيل : وما منعك أن تزجره قال : كنت فيما هو أحب إلي من ذلك يعني الصلاة فجعلوا يدعون عليه فقال : لا تفعلوا وقولوا خيرا ، فإني قد جعلتها صدقة عليه .

وقيل لبعضهم في شيء قد كان سرق له : ألا تدعو على ظالمك ؟ قال : ما أحب أن أكون عونا للشيطان عليه .

قيل : أرأيت لو رد عليك قال : لا آخذه ، ولا أنظر إليه ؛ لأني كنت قد أحللته له .

وقيل لآخر : ادع الله على ظالمك ، فقال : ما ظلمني : أحد ، ثم قال : إنما ظلم نفسه ، ألا يكفيه المسكين ظلم نفسه حتى أزيده شرا .

وأكثر بعضهم شتم الحجاج عند بعض السلف في ظلمه فقال : لا تغرق في شتمه ، فإن الله تعالى ينتصف للحجاج فمن انتهك عرضه ، كما ينتصف منه لمن أخذ ماله ودمه .

وفي الخبر إن العبد ليظلم المظلمة فلا يزال يشتم ظالمه ، ويسبه حتى يكون بمقدار ما ظلمه ، ثم يبقى للظالم عليه مطالبة بما زاد عليه يقتص له من المظلوم .

التالي السابق



الخدمات العلمية