إذ سمع قوله تعالى ألا بعدا لثمود ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود وإنما تعظم هيبة البعد وخوفه في قلب من ألف القرب وذاقه وتنعم به ؛ فحديث البعد في حق المبعدين يشيب سماعه أهل القرب في القرب ، ولا يحن إلى القرب من ألف البعد ولا يبكي لخوف البعد من لم يمكن من بساط القرب ثم خوف الوقوف وسلب المزيد فإنا قدمنا أن درجات القرب لا نهاية لها ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وحق العبد أن يجتهد في كل نفس حتى يزداد فيه قربا ؛ من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان يومه شرا من أمسه فهو ملعون .
وكذلك قال عليه السلام : إنه ليغان على قلبي في اليوم والليلة حتى أستغفر الله سبعين مرة .
وإنما كان استغفاره من القدم الأول ؛ فإنه كان بعدا بالإضافة إلى القدم الثاني ويكون ذلك عقوبة لهم على الفتور في الطريق والالتفات إلى غير المحبوب ، كما روي أن الله تعالى يقول : إن أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوات الدنيا على طاعتي أن أسلبه لذيذ مناجاتي .
فسلب المزيد بسبب الشهوات عقوبة للعموم ، فأما الخصوص فيحجبهم عن المزيد مجرد الدعوى والعجب والركون إلى ما ظهر من مبادئ اللطف وذلك هو المكر الخفي الذي لا يقدر على الاحتراز منه إلا ذوو الأقدام الراسخة ثم خوف فوت ما لا يدرك بعد فوته سمع قائلا يقول ، وهو في سياحة ، وكان على الجبل : إبراهيم بن أدهم
كل شيء منك مغفو ر سوى الإعراض عنا قد وهبنا لك ما فا
ت فهب لنا ما فات منا