وأيضا فأصول الفرائض مبنية على أن القرابة المتصلة ذكر وأنثى لا تفرق أحكامها، فالأخ من الأبوين لا يكون كالأخ من أب، ولا كالأخ من الأم، ولا يعطى بقرابة الأم وحدها، كما لا يعطى بقرابة الأب وحده بل بالقرابة المشتركة من الأبوين. وإنما يفرد بحكم إذا كان قرابة الأم منفردة، مثل ابني عم أحدهما أخ لأم، فهنا ذهب الجمهور إلى أن للأخ من الأم السدس، ويشتركان في الباقي. وهو مأثور عن رضي الله عنه. وروي عن علي شريح أنه جعل الجميع للأخ من الأم، كما لو كان ابن عم لأبوين. [ ص: 303 ]
والجمهور يقولون: كلاهما في بنوة العم سواء، هما ابنا عم من أبوين أو من أب. والأخوة من الأم مستقلة ليست مقترنة بأبوة حتى يجعل كابن عم لأبوين.
ومما يبين الحكم في أنه لو كان فيها أخوات لأب لفرض لهن الثلثان، وعالت الفريضة، فلو كان معهن أخوهن سقطن، ويسمى "الأخ المشؤوم"، فلما كن يصرن بوجوده عصبة صار تارة ينفعهن، وتارة يضرهن، ولم يجعل وجوده كعدمه في حال الضرار. مسألة المشتركة:
كذلك قرابة الأب لما صار الإخوة بها عصبة صار ينفعهم تارة ويضرهم أخرى. وعلى هذا مجرى العصوبة، فإن العصبة تارة تحوز المال، وتارة أكثره، وتارة تحوز أقله، وتارة لا يبقى لها شيء، وهو إذا استغرقت الفرائض المال. فمن جعل العصبة تأخذ مع استغراق الفرائض المال فقد خرج عن الأصول المنصوصة في الفرائض.