الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف ] .

ومن الحوادث: أنه لما رجع من الطائف لم يمكنه دخول مكة إلا بجوار ، وذلك أنه لما دنا من مكة علم أن قومه أشد عليه مما كانوا ، فأرسل بعض أهل مكة إلى الأخنس بن شريق فقال له: "هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي؟" .

فقال له الأخنس: إن الحليف لا يجير على الصريح .

قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: تعود؟ قال: نعم . قال: فأت سهيل بن عمرو فقل له: إن محمدا يقول لك: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالات ربي؟ فقال له ذلك ، فقال: إن بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب . فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره . قال: تعود؟ قال: نعم . قال: ائت المطعم بن عدي فقل له: إن محمدا يقول لك: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالات ربي؟ قال: نعم فليدخل .

فرجع فأخبره وأصبح المطعم بن عدي قد لبس سلاحه هو وبنوه وبنو أخيه ، فدخلوا المسجد ، فلما رآه أبو جهل قال: أمجير أم متابع؟ قال: بل مجير ، قال: أجرنا من أجرت؟

[ ص: 16 ]

فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأقام بها ، وكان يقف بالموسم على القبائل فيقول: "يا بني فلان ، إني رسول الله إليكم ، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا" فكان يمشي خلفه أبو لهب فيقول: لا تطيعوه . وأتى رسول الله كندة في منازلهم فدعاهم إلى الله [عز وجل] فأبوا ، وأتى كلبا في منازلهم فلم يقبلوا منه ، وأتى بني حنيفة في منازلهم ، فردوا عليه أقبح رد ، وأتى [بني] عامر بن صعصعة ، وكان لا يسمع بقادم من العرب له اسم وشرف إلا دعاه وعرض عليه ما عنده .

وقال جابر بن عبد الله: مكث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ، ومجنة ، وفي المواسم يقول: "من يؤويني ، من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟" حتى بعثنا الله إليه فأويناه وصدقناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية