الباب الرابع في الحجب
هو نوعان : - كحجب الولد الزوج من النصف إلى الربع ، والزوجة من الربع إلى الثمن ، والأم من الثلث إلى السدس - حجب نقصان ، [ ص: 26 ] وهو المقصود بالذكر ، فالورثة قسمان : قسم لا يتوسط بينهم وبين الميت غيرهم ، وهم : الأبوان ، والزوجان ، والأولاد ، فهؤلاء لا يحجبهم أحد . وقسم يتوسط بينهم وبينه غيرهم ، وهم ثلاثة أضرب . وحجب حرمان
[ الضرب ] الأول : المنتسبون إلى الميت من جهة العلو ، وهم الأصول . فالجد لا يحجبه إلا الأب ، وكذلك كل جد يحجب من فوقه . وأما الجدات ، فقد يحجبهن غيرهن ، وقد يحجب بعضهن بعضا . فأما الأول فالأم تحجب كل جدة سواء كان من جهتها ، أو من جهة الأب كما يحجب الأب كل من يرث بالأبوة ، والأب يحجب كل جدة من جهته ، وكذا كل جد يحجب أم نفسه وأم آبائه ، ولا يحجب أم من دونه ، والأب والأجداد لا يحجبون الجدة من جهة الأم قريبة كانت أو بعيدة بالإجماع . وأما حجب بعضهن ، فالقربى من كل جهة تحجب البعدى من تلك الجهة ، وهذا من جهة الأم لا يكون إلا والبعدى مدلية بالقربى ، ومن جهة الأب قد يكون كذلك فالحكم كمثل ، وقد لا يكون كأم الأب ، وأم أب الأب ففيه اختلاف عن الفرضيين ، والذي ذكره البغوي وغيره : أن القربى تحجب البعدى أيضا .
قلت : هذا هو الصحيح المعروف . - والله أعلم - .
ولو كانت البعدى مدلية بالقربى لكن البعدى جدة من جهة أخرى ، فلا تحجب .
مثاله : لزينب بنتان ، حفصة ، وعمرة ، ولحفصة ابن ، ولعمرة بنت بنت ، فنكح الابن بنت بنت خالته ، فأتت بولد ، فلا تسقط عمرة التي هي أم أم أمه أمها ; لأنها أم أم أبي المولود .
[ ص: 27 ] فرع
القربى من جهة الأم ، كأم الأم ، تحجب البعدى من جهة الأب كأم أم الأب كما أن الأم تحجب أم الأب . والقربى من جهة الأب كأم الأب ، هل تحجب البعدى من جهة الأم ، كأم أم الأم ؟ فيه قولان : أظهرهما : لا ؛ لأن الأب لا يحجبها ، فأمه المدلية به أولى . وعلى هذا القياس نقل البغوي أن القربى من جهة أمهات الأب ، كأم أم الأب ، تسقط البعدى من جهة آباء الأب ، كأم أم أبي الأب ، وأم أبي أبي الأب ، والقربى من جهة آباء الأب ، كأم أبي الأب ، هل تسقط البعدى من جهة أمهات الأب ، كأم أم أم الأب ؟ فيه القولان .
الضرب الثاني : المنتسبون إليه من جهة السفل ، فابن الابن لا يحجبه إلا الابن ، وبنت الابن يحجبها الابن ، وكذا بنتا صلب ، إلا أن يكون معها أو أسفل منها ذكر يعصبها ، وكذا بنات ابن الابن [ يسقطهن ] ابن الابن ، ويسقطن أيضا إذا استكمل بنات الابن الثلثين إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن من يعصبهن ، وكذا إن كانت بنت صلب ، وبنت ابن ، أو بنات ابن ، وعلى هذا القياس .
الضرب الثالث : المنتسبون إليه على الطرف فالإخوة والأخوات للأم يحجبهم أربعة : الولد ، وولد الابن ، والأب ، والجد . والأخ للأبوين يحجبه الأب ، والابن ، وابن الابن بالإجماع ، وقد سبق وجه : أن الجد أيضا يسقطه . والأخت للأبوين لا يحجبها أيضا إلا هؤلاء . والأخ للأب يحجبه هؤلاء والأخ للأبوين . والأخت للأب يحجبها الأربعة . وكذلك إذا استكملت الأخوات للأبوين الثلثين سقطت الأخوات للأب إلا أن يكون معهن معصب وابن الأخ للأبوين يحجبه ستة : الابن ، وابن الابن ، والأب ، والجد ، والأخ للأبوين ، والأخ للأب . وابن الأخ للأب يحجبه هؤلاء ، وابن الأخ للأبوين . والعم للأبوين يحجبه هؤلاء ، وابن الأخ [ ص: 28 ] للأب . والعم للأب يحجبه هؤلاء ، والعم للأبوين [ وابن العم للأبوين ] يحجبه هؤلاء ، والعم للأب . وابن العم للأب يحجبه هؤلاء ، وابن العم للأبوين . والمعتق يحجبه عصبات النسب . وكل عصبة يحجبه أصحاب الفروض المستغرقة .
فرع
جميع ما ذكرناه من الحجب هو فيما إذا كان الحاجب وارثا من الميت . فإن لم يرث نظر إن كان امتناع الإرث لنقص كالرق وغيره من الموانع ، فلا يحجب لا حجب حرمان ، ولا حجب نقصان . وإن كان لا يرث لتقدم غيره عليه ، فقد يحجب غيره حجب نقصان ، وذلك في صور .
إحداها : مات عن أبوين وأخوين ، فللأم السدس ، والباقي للأب ؛ لأنهما يسقطان به .
الثانية : أم ، وجد ، وأخوان لأم ، للأم السدس ، والباقي للجد .
الثالثة : أب ، وأم أب ، وأم أم ، فتسقط أم الأب بالأب ، وفيما ترثه أم الأم وجهان : أصحهما : السدس . والثاني : نصف السدس .
الرابعة : إذا ترك جدا ، وأخا لأبوين ، وأخا لأب ، ينقص بالأخ للأب نصيب الجد ، ولا يأخذ شيئا .
قلت : وصورة خامسة : أم ، وأخ لأبوين ، وأخ لأب . - والله أعلم - .