[ ص: 101 ] المسألة الثانية : العبد الموصى له ، إما أن يكون لأجنبي ، وإما أن يكون للموصي ، وإما للورثة .
القسم الأول : ، فتصح الوصية . ثم لا يخلو ، إما أن يستمر رقه ، وإما أن لا يستمر . لأجنبي
الحالة الأولى : أن يستمر رقه ، فالوصية للسيد حتى لو قتل الموصي العبد الموصى له لم تبطل الوصية ، ولو قتله سيد العبد ، كانت وصيته للقاتل . وفي افتقار قبول العبد إلى إذن السيد وجهان سبقا في باب " معاملة العبيد " . أصحهما : المنع ، ولا . يصح من السيد مباشرة القبول بنفسه على الأصح ؛ لأن الخطاب لم يكن معه ، والوجهان فيما حكي مخصوصان بقولنا : إن قبول العبد يفتقر إلى إذن السيد . ويجوز أن يعمما ; لأن الملك للسيد بكل حال ، فلا يبعد تصحيح القبول منه وإن لم يسم في الوصية ، ألا ترى أن وارث الموصى له يقبل وإن لم يسم في الوصية . وأما قبول السيد ما وهب لعبده ، فقال قائلون : هو على هذين الوجهين . وقال الإمام : هو باطل قطعا ; لأن القبول في الهبة كالقبول في سائر العقود بخلاف قبول الوصية . وإذا صححنا قبول العبد بغير إذن سيده ، فلو منعه من القبول فقبل ، قال الإمام : الظاهر عندي الصحة ، وحصول الملك للسيد ، كما لو نهاه عن الخلع فخالع . وإذا قلنا : لا يصح بلا إذن ، فلو رد السيد ، فهو أبلغ من عدم الإذن . فلو بدا له أن يأذن في القبول ففيه احتمال عند الإمام ، قال : وإذا صححنا القبول من السيد ، فيجب أن يبطل رد العبد لو رده .
الحالة الثانية : أن لا يستمر ، بل يعتق . فينظر إن عتق قبل موت الموصي ، فالاستحقاق للعبد ؛ لأنه وقت الملك حر ، وإن عتق بعد موته . فإن قبل ثم عتق ، فالاستحقاق للسيد ، وإن عتق ثم قبل ، فإن قلنا : الوصية تملك بالموت ، أو موقوفة ، [ ص: 102 ] فالملك للسيد . وإن قلنا : تملك بالقبول ، فللعبد . ولو أوصى لعبد هو لزيد ، فباعه لعمرو ، فينظر في وقت البيع ، ويجاب بمثل هذا التفصيل .
فرع
، فإن لم تكن بينه وبين سيده مهايأة ، وقبل بإذن السيد ، فالموصى به بينهما بالسوية ، كما لو احتش أو احتطب . وإن قبل بغير إذنه ، وقلنا : يفتقر قبول العبد إلى إذن سيده ، فالقبول باطل في نصف السيد . وفي نصفه وجهان ; لأن ما يملكه ينقسم على نصفيه ، فيلزم دخول نصفه في ملك السيد بغير إذنه . وإن كان بينهما مهايأة ، بني على أن الأكساب النادرة هل تدخل في المهايأة ؟ وفيه خلاف سبق في " زكاة الفطر " ، وفي " كتاب اللقطة " . فإن قلنا : لا تدخل ، فهو كما لو لم تكن مهايأة . وإن قلنا : تدخل ، فلا حاجة إلى إذن السيد في القبول ; لأن المهايأة إذن له في جميع الأكساب الداخلة فيها . وهل الاعتبار بيوم موت الموصي ، أم بيوم القبول ، أم بيوم الوصية ؟ فيه أوجه . أصحها : الأول . ولو وهب لمن نصفه حر ، فعلى القولين في دخول الكسب النادر في المهايأة . فإن أدخلنا ووقع العقد في يوم أحدهما ، والقبض في يوم الآخر بني على أن الهبة المقبوضة يستند الملك فيها إلى العقد ، أم يثبت عقب القبض ؟ فإن قلنا بالأول ، فالاعتبار بيوم العقد ، وإلا فيوم القبض على الأصح ، وعلى الثاني بيوم العقد . أوصى لمن نصفه حر ، ونصفه لأجنبي
فرع
قال : . فعن أوصيت لنصفه الحر ، أو لنصفه الرقيق خاصة القفال : بطلان الوصية . قال : ولا يجوز أن يوصي لبعض شخص ، كما لا يرث [ بعضه ] ، وقال غيره : [ ص: 103 ] يصح وينزل بتقييد الموصي منزلة المهايأة ، فيكون الموصى به للسيد إن وصى لنصفه الرقيق ، وله إن أوصى لنفسه الحر .
قلت : الأصح : الثاني . - والله أعلم - .
فرع
تردد الإمام فيما إذا صرحا بإدراج الأكساب النادرة في المهايأة ، أنها تدخل قطعا ، أم تكون على الخلاف ؟ وفيما لو عمت الهبات والوصايا في قطر ، أنها هل تدخل قطعا ، أم تكون على الخلاف ؟
قلت : الراجح طرد الخلاف مطلقا ، لكثرة التفاوت . - والله أعلم - .
القسم الثاني : أن يكون ، فينظر إن أوصى لعبده القن برقبته ، فسيأتي بيانه - إن شاء الله تعالى - في القسم الثاني من الباب الثاني . وإن أوصى له بجزء من رقبته نفذت الوصية فيه ، وعتق ذلك الجزء . وكذلك لو قال : أوصيت له بثلث مالي ولا مال له سواه . ولو قال : أوصيت له بثلث ما أملك من رقبته وغيرها من أموالي ، نفذت الوصية في ثلثه ، وبقي باقيه رقيقا للورثة ، فيكون الثلث من سائر أمواله وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق لوارثه . وسنذكره - إن شاء الله تعالى - . ولو قال : أوصيت له بثلث ما أملك ، أو بثلث أموالي ، ولم ينص على رقبته ، فأوجه . أصحها وبه قال العبد الموصى له للموصي ابن الحداد : أن رقبته تدخل في الوصية ; لأنها من أمواله . والثاني : لا لإشعاره بغيره . فعلى هذا لا يعتق منه شيء ، والوصية له وصية للعبد بغير رقبته ، وعلى الأول هو كما لو قال : أوصيت له بثلث رقبته ، وثلث باقي أموالي . والثالثة : [ ص: 104 ] تجمع الوصية في رقبته ، فإن خرج كله من الثلث ، عتق ، وإن كان الثلث أكثر من قيمته ، صرف الفضل إليه ، وإن لم يخرج كله من الثلث ، عتق منه بقدر ما يخرج . ولو أوصى له بعين مال ، أو قال : أعطوه من مالي كذا ، فإن مات وهو ملكه ، فالوصية للورثة . وإن باعه الموصي ، فهو للمشتري . وإن أعتقه ، فهي للعتيق . ولو أوصى له بثلث جميع أمواله ، وشرط تقديم رقبته ، عتق جميعه ، ودفع إليه ما يتم به الثلث .
فرع
تجوز ; لأنها تعتق بموته من رأس المال وللمكاتب ؛ لأنه مستقل بالملك . ثم إن عجز ورق ، صارت الوصية للورثة . وكذا المدبر . ثم عتقه والوصية له معتبران من الثلث . فإن وفى بهما عتق ، ونفذت الوصية . وإن لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث ، وصارت الوصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث . وإن وفى بأحد الأمرين من المدبر والوصية ، بأن كان المدبر يساوي مائة ، والوصية بمائة ، وله غيرهما مائة ، فوجهان : أحدهما وبه قطع الشيخ أبو علي : تقدم رقبته ، فيعتق كله ، ولا شيء له بالوصية . وأصحهما عند الوصية لأم ولده البغوي : يعتق نصفه ، . والوصية وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث
قلت : الأول : أصح . - والله أعلم - .
القسم الثالث : أن يكون ، فالوصية للمشتري ، وإن أعتقه ، فهي للعتيق ، فإن استمر في ملكه ، فهي وصية لوارث ، وسيأتي حكمها - إن شاء الله تعالى - . وكذا لو أوصى لعبد أجنبي ، ثم اشتراه [ ص: 105 ] وارثه ، ثم مات الموصي . ولو أوصى لمن نصفه حر ، ونصفه لوارثه ، فإن لم تكن بينه وبين السيد مهايأة ، أو كانت ، وقلنا : لا تدخل الوصية فيها ، فهو كالوصية لوارث . قال الإمام : وكان يحتمل أن يبعض الوصية ، كما لو أوصى بأكثر من الثلث . وإن جرت مهايأة ، وقلنا : يدخل فيها ، فقد سبق أن الاعتبار بيوم موت الموصي على الأصح . فإن مات في يوم العبد ، فالوصية صحيحة له ، وإلا ، فوصية لوارث . وسواء كانت مهايأة يوم الوصية ، أم أحدثاها قبل موت الموصي ، قاله الشيخ العبد لوارث الموصي بأن باعه قبل موت الموصي أبو علي .
فرع
. فإن عتق قبل موت الموصي ، نفذت الوصية له ، وكذا لو أعتق بعده بأداء النجوم . فإن عجز ، ورق ، صارت وصية لوارث . أوصى لمكاتب وارثه