فصل
سبق أن ، ويجعل أربعة أخماسها للغانمين ، فيسوى بينهم في ذلك ، ولا يفضل بعضهم إلا بشيئين . أحدهما : النقصان المقتضي للرضخ ، تفريعا على الأظهر : أنه من أربعة أخماسها . والثاني : أن الفارس يفضل على الراجل ، فيعطى الفارس ثلاثة أسهم ، سهمين لفرسه ، وسهما له ، ويعطى الراجل سهما . ويتعلق بهذا الأصل مسائل . الغنيمة يبدأ منها بالسلب والمؤن ، ثم يقسم الباقي خمسة أقسام
إحداها : ، لا يلحق بالفارس ، لكن يعطى الراكب سهمه ، ويرضخ لهذه الدواب ، ويكون رضخ الفيل أكثر من رضخ البغل ، ورضخ البغل أكثر من رضخ الحمار ، ولا يبلغ رضخها سهم فرس ، ويرضخ للصبي والذمي الفارسين أكثر مما يرضخ لو كانا راجلين . راكب البعير ، والفيل ، والحمار ، والبغل
[ المسألة ] الثانية : سواء في الخيل العتيق ، وهو الذي أبواه عربيان ، والبرذون ، وهو الذي أبواه أعجميان ، والهجين ، وهو الذي أبوه عربي وأمه عجمية ، والمقرف ، وهو الذي أبوه عجمي وأمه عربية ؛ لأن الكر والفر يقع منها كلها ، ولا يضر تفاوتها ، كالرجال . وفي قول شاذ : لا يسهم للبرذون ، بل يرضخ له .
[ المسألة ] الثالثة : ليتعهد الإمام الخيل إذا أراد دخول دار الحرب ، فلا يدخل إلا فرسا شديدا ، ولا يدخل حطما ، وهو الكسير ، ولا قحما ، وهو الهرم ، ولا ضرعا ، وهو الصغير الضعيف ، ولا أعجف رازحا . والأعجف : المهزول . والرازح : هو بين الهزال .
[ ص: 384 ] قلت : القحم ، بفتح القاف وإسكان الحاء المهملة ، والضرع ، بفتح الضاد المعجمة وفتح الراء أيضا ، والرازح ، بالراء وبعد الألف زاي مكسورة ثم حاء مهملة ، وضبطت هذه الألفاظ ؛ لأنها في كلام وكتب الأصحاب - رحمهم الله - ، ورأيت من صحفها فأردت السلامة . والله أعلم . الشافعي
فلو أدخل بعضهم شيئا منها ، نظر إن نهى الإمام عن إدخاله وبلغه النهي ، لم يسهم لفرسه ، وإن لم ينه ، أو لم يبلغه النهي ، فقولان . أحدهما : يسهم له كالشيخ الضعيف . وأظهرهما : لا ؛ لأنه لا فائدة فيه ، بل هو كل ، بخلاف الشيخ فإنه ينتفع برأيه ودعائه . وقال الشيخ أبو إسحاق : لا خلاف في المسألة ، بل القول الأول محمول على ما إذا أمكن القتال عليه ، والثاني إذا لم يمكن .
[ المسألة ] الرابعة : ، لم يسهم إلا لواحد على المذهب ، وبه قطع الجمهور . وحكى بعضهم قولا أنه يسهم لفرسين ولا يزاد . من حضر بفرسين
[ المسألة ] الخامسة : يسهم ، فيكون السهم للمستعير والمستأجر . وحكي وجه : أنه للمعير . وأما الفرس المغصوب ، فالمذهب أنه يسهم له ، ويكون سهمه للغاصب . وقيل : للمغصوب منه . وقيل : لا يسهم له ؛ لأن إحضاره حرام ، فهو كالمعدوم . للفرس المستعار والمستأجر
[ المسألة ] السادسة : إذا كان ، أسهم لفرسه ؛ لأنه قد يحتاج إلى الركوب ، نص عليه ، وحمله القتال في ماء أو حصن وقد أحضر فرسه على ما إذا كانوا بالقرب من الساحل ، واحتمل أنه يخرج ويركب . فإن لم يحتمل الحال الخروج ، فلا معنى لإعطاء سهم الفرس . ابن كج
[ المسألة ] السابعة : ، فهل يعطى كل منهما سهم فرس ؛ [ ص: 385 ] لأن معه فرسا قد يركبه ، أم يعطيان سهم فرس واحد مناصفة ، أم لا يعطيان للفرس شيئا ؛ لأنه لم يحضر واحد منهما بفرس تام ؟ فيه أوجه . حضر اثنان بفرس مشترك بينهما
قلت : لعل الأصح المناصفة . والله أعلم .
ولو ، سهمان لهما وسهمان للفرس ؟ فيه ثلاثة أوجه ، وبالله التوفيق . ركب اثنان فرسا ، وشهدا الوقعة ، فهل لهما ستة أسهم لأنهما فارسان ؟ أم سهمان لأنهما راجلان لتعذر الكر والفر ؟ أم أربعة أسهم
قلت : اختار في التجريد وجها رابعا حسنا : أنه إن كان فيه قوة الكر والفر مع ركوبهما ، فأربعة أسهم ، وإلا ، فسهمان . ابن كج
ومن مسائل الباب : لو ، أسهم له . قال صاحب ( ( العدة ) ) : ولو حضر فارسا ، فضاع فرسه ، فأخذه رجل وقاتل عليه ، فأسهم المقاتل [ له ] وللفرس ، كان سهما الفرس لمالكه ؛ لأنه شهد الوقعة وفرسه حاضر ولم يوجد منه اختيار إزالة يد ، فصار كما لو كان معه ولم يقاتل عليه ، ويفارق المغصوب حيث قلنا : سهم الفرس للغاصب على المذهب ؛ لأن المالك لم يشهد الوقعة . دخل دار الحرب راجلا ، ثم حصل فرسا ببيع أو إعارة أو غيرهما ، وحضر به الحرب
ومنها : الأعمى ، والزمن ، ومقطوع اليدين والرجلين ، المذهب : أنه لا يسهم لهم ، لكن يرضخ . وحكى الجرجاني في استحقاقهم السهم قولين .
ولو ، فشرطه باطل ، ويجب تخميس ما غنموا ، وسواء شرط ذلك لضرورة ، أم لا . وحكى شرط الإمام للجيش أن لا يخمس عليهم وجها : أنه [ ص: 386 ] إن شرطه لضرورة ، لم يخمس ، وهذا شاذ باطل . ولو ابن كج ، خمس على المذهب ، وبه قطع الجمهور . غزت طائفة بغير إذن الإمام فغنمت
وحكى وجها : أنه لا يخمس ، وهو باطل . ولو كان معه فرس فلم يركبه ولم يعلم به ، قال ابن كج : لم يسهم له بلا خلاف . قال : ولو علم به ولم يركبه بحال ، فلا سهم له . قال : وعندي يسهم له إذا كان يمكنه ركوبه ولم يحتج إليه . والله أعلم . ابن كج
تم - بعون الله تعالى وتوفيقه - الجزء السادس من كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين للإمام النووي ، ويليه الجزء السابع ، وأوله كتاب النكاح