الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر أن عقد الإجارة على الحج يصح على هذين الضربين كغيره من عقود الإجارات انتقل الكلام إلى بيان حكم كل واحد منهما ، فإن كان العقد معينا فعلى ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعقداه معجلا .

                                                                                                                                            والثاني : أن يعقداه مؤجلا .

                                                                                                                                            والثالث : أن يعقداه مطلقا ؛ فإن عقداه معجلا وهو أن يقول : قد استأجرتك لتحج عني في هذه السنة فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مسير الناس ممكنا ووقت مسيرهم متأتيا ، وذلك يختلف على حسب اختلاف البلاد في القرب والبعد ، فإذا كان وقت مسير الناس صح العقد سواء كان في أشهر الحج أو غير أشهر الحج ؛ لأن من بأقصى بلاد خراسان وبلاد الترك لا يدرك الحج إذا ابتدأ بالسير في أشهر الحج حتى يقدم السير قبل أشهر الحج فإذا صح العقد وأخر المسير يوما أو أياما جاز .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون مسير الناس غير ممكن ووقت خروجهم غير متأت ؛ وذلك قد يكون لأحد وجهين : إما لقرب الزمان وضيقه عن إدراك الحج فيه ؛ كالعراقي الذي استؤجر في عشر النحر ، وإما لسعة الزمان وبعده عن خروج الناس فيه ؛ كالعراقي إذا استؤجر قبل أشهر الحج فعقد الإجارة باطل : لأن ما اقتضاه العقد من تعجيل الحج ممتنع وإن عقداه مؤجلا ، وهو أن يقول : قد استأجرتك لتحج عني في العام المقبل ؛ فعقد الإجارة باطل ؛ لأن العقود على الأعيان بشرط تأخير التسليم باطل ، وإن عقداه مطلقا ؛ وهو أن يقول : قد استأجرتك لتحج عني ولا يقيداه بزمان فإطلاقه يقتضي التعجيل ؛ لأن الأجل لا يلزم إلا بشرط فيكون كما لو شرطا التعجيل في اعتبار الوقت على ما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية