الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5869 5870 5871 5872 ص: وقد رويت في العمرى أيضا آثار بغير هذا اللفظ ، فمنها : ما حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله -عليه السلام - قال : " أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه ، فإنها للذي يعطاها ، لأنه أعطي عطاء وقعت فيه المواريث " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا الليث بن سعد ، عن ابن شهاب . (ح).

                                                وحدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد قال : ثنا ليث ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله -عليه السلام - يقول : " من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه ، فقد قطع قوله حقه فيها ، وهي لمن أعمرها ولعقبه " .

                                                [ ص: 384 ] حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : " قضى رسول الله -عليه السلام - فمن أعمر عمرى فهي له ولعقبه بتة ، لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا ثنيا " .

                                                ففي هذه الآثار : من أعمر عمرى له ولعقبه ، فهي للذي أعمرها لا ترجع إلى المعطي بشرط ولا ثنيا ; ؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : قد رويت عن النبي -عليه السلام - أيضا أحاديث بغير لفظ الأحاديث المذكورة عن جابر وغيره فيما مضى .

                                                قوله : "فمنها " أي فمن هذه الآثار المروية : ما حدثنا يونس بن عبد الأعلى . . إلى آخره .

                                                وأخرجه من أربع طرق صحاح :

                                                الأول : رجاله كلهم رجال الصحيح .

                                                وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري .

                                                وأبو سلمة هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                وأخرجه مالك في "موطإه " .

                                                ومسلم : عن يحيى بن يحيى ، عن مالك .

                                                الثاني : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري -عن الليث بن سعد ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن جابر .

                                                وأخرجه النسائي : أنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن

                                                [ ص: 385 ] أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جبار ، قال : سمعت رسول الله -عليه السلام - يقول : "من أعمر رجلا . . . . " إلى آخره نحوه .

                                                الثالث : عن ربيع المؤذن -صاحب الشافعي - عن أسد بن موسى ، عن ليث بن سعد . . . . إلى آخره .

                                                الرابع : عن ربيع أيضا ، عن أسد ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن جابر .

                                                وأخرجه مسلم : نا محمد بن رافع ، نا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبد الله : "أن رسول الله -عليه السلام - قضى فيمن أعمر عمرى له ولعقبه فهي له بتلة لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا ثنيا ، قال أبو سلمة : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ، فقطعت المواريث شرطه " .

                                                قوله : "بتة " أي قاطعة من البت وهو القطع ، وكذلك البتل ، ومنه ما جاء في الحديث : "بتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العمرى " .

                                                أي أوجبها وملكها ملكا لا يتطرق إليه نقض ، يقال : بتله يبتله بتلا إذا قطعه ، وانتصاب "بتة " على المصدرية .

                                                قوله : "ولا ثنيا " بضم الثاء المثلثة وسكون النون ، وهو بمعنى الاستثناء .




                                                الخدمات العلمية