الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثالث في ميراث الجد مع الإخوة

                                                                                                                                                                        إذا كان مع الجد إخوة وأخوات من الأبوين ، أو من الأب لم يسقطوا على الصحيح . وقال المزني : يسقطون ، واختاره محمد بن نصر المروزي من أصحابنا ، وابن سريج ، وابن اللبان ، وأبو منصور البغدادي . والتفريع على الصحيح ، فنقول : إذا كان معه إخوة وأخوات من الأبوين أو من الأب ، فإن لم يكن معهم ذو فرض ، فللجد الأوفر من مقاسمتهم وثلث جميع المال . فإن قاسم كان كأخ . وإن أخذ الثلث ، فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وقد يستوي الأمران فلا يكون فرق في الحقيقة ، ولكن الفرضيون يتلفظون بالثلث ؛ لأنه أسهل . وإنما تكون القسمة أوفر إذا لم يكن معه إلا أخ ، أو أخت ، أو أخ وأخت ، أو أختان ، أو أختان ، أو ثلاث أخوات ، فهي خمس مسائل . وإنما يستويان ، إذا لم يكن معهم إلا أخوان أو أخ وأختان ، أو أربع أخوات . وفيما عدا ذلك الثلث أوفر . وضابطه أن [ ص: 24 ] الإخوة والأخوات ، إن كانوا مثليه ، فالقسمة والثلث سواء . وإن كانوا دون مثليه ، فالقسمة أوفر . وإن كانوا فوق مثليه ، فالثلث أوفر . وإن كان معهم صاحب فرض - وأصحاب الفروض الوارثون مع الجد والإخوة ستة : البنت ، وبنت الابن ، والأم ، والجدة ، والزوج ، والزوجة - فإما أن لا يبقى بعد الفروض شيء ، كبنتين وأم وزوج ، فيفرض للجد السدس ، ويزاد في العول . وإما أن يبقى السدس فقط ، كبنتين وأم ، فيصرف إلى الجد . وإما أن يبقى دون السدس كبنتين وزوج ، فيفرض للجد السدس ، وتعال المسألة . وعلى هذه التقديرات الثلاثة يسقط الإخوة والأخوات . وإما أن يكون الباقي أكثر من السدس ، فللجد خير الأمور الثلاثة ، وهي مقاسمة الإخوة والأخوات ، وثلث ما يبقى ، وسدس جميع المال . أما إذا كان معه إخوة وأخوات لأبوين ولأب ، فللجد خير الأمرين إن لم يكن هناك ذو فرض ، وخير الأمور الثلاثة إن كان كما إذا لم يكن إلا أحد الصنفين ، لكن هنا يعد أولاد الأبوين أولاد الأب على الجد في القسمة . ثم إذا أخذ الجد حصته نظر إن كان ولد الأبوين عصبة ، إما ذكرا ، وإما ذكورا ، وإما ذكورا وإناثا فلهم كل الباقي ، ولا شيء لولد الأب . وإن لم يكن عصبة ، بل أنثى ، أو إناث ، فالاثنتان فصاعدا يأخذون إلى الثلثين ولا يبقى شيء ، فيسقط أولاد الأب ، والواحدة تأخذ إلى النصف . فإن بقي شيء ، فلأولاد الأب ذكورا كانوا أو إناثا للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا كان الصنفان معه ، وكان غير القسمة خيرا له ، بأن كان معه أخت للأبوين ، وأخوان ، أو أربع أخوات فصاعدا للأب ، فللجد الثلث . قال بعض الفرضيين : يجعل الباقي [ ص: 25 ] بين ولد الأبوين وولد الأب ، ثم يرد ولد الأب على ولد الأبوين قدر فرضه . قال ابن اللبان : والصواب أن يفرض للأخت للأبوين النصف ، ويجعل الباقي لأولاد الأب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا فرق فيما ذكرناه بين أن يتمحض مع الجد إخوة أو أخوات ، أو يختلطوا ، فالجد في الأحوال كلها كأخ ، والأخوات معه كهن مع أخ ، فلا يفرض لهن معه ولا تعال مسألة بسببهن ، بخلاف الجد حيث فرضنا له وأعلنا ؛ لأنه صاحب فرض بالجدودة ، فرجع إليه لضرورة . وهذا أصل مطرد إلا في المسألة الأكدرية ، وهي زوج ، وأم ، وجد ، وأخت للأبوين أو للأب ، فللزوج النصف ، وللأم الثلث ، وللجد السدس ، ويفرض للأخت النصف ، وتعول من ستة إلى تسعة ، ثم يجمع نصيب الأخت والجد ، ويجعل بينهما أثلاثا . وتصح من سبعة وعشرين ، للزوج تسعة ، وللأم ستة ، وللأخت أربعة ، وللجد ثمانية . ويمتحن بها فيقال : وراث أربعة ، أخذ أحدهم ثلث المال ، والثاني ثلث الباقي ، والثالث ثلث الباقي ، والرابع الباقي . ولو كان بدل الأخت أخ ، سقط ، إذ لا فرض له . ولو كانت أختان ، فللزوج النصف ، وللأم السدس ، وللجد السدس ، والباقي لهما ، ولا عول [ وبالله التوفيق ] .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية