الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

البنوك الإسلامية بين الحرية والتنظيم (التقليد والاجتهاد - النظرية والتطبيق)

الدكتور / جمال الدين عطية

المبحث الثاني: البلاد التي صدرت بها قوانين منظمة لنشاط البنوك الإسلامية

أولا: باكستان

1 – من قيام دولة باكستان سنة 1947م على أساس تجمع المسلمين من جميع أنحاء القارة الهندية لإقامة دولة إسلامية، وفكرة تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي تتردد بين الظهور والاختفاء بسبب عدم وضوح ملامح هـذا النظام وكيفية تطبيقه؛ رغم الجهود المتناثرة في هـذا السبيل، حتى جاء تكليف الرئيس الباكستاني في 29 / 9/1977م لمجلس الفكر الإسلامي Council of Islamic Ideology بإعداد دراسة عن النظام الاقتصادي والمصرفي الإسلامي.

وفي نوفمبر 1977م اختار المجلس المذكور لجنة من الاقتصاديين [ ص: 35 ] والمصرفيين لوضع التقرير المذكور والذي اعتمده المجلس بعد إعداده في 15/6/1980م. كما قام البنك المركزي بتشكيل عدة لجان عمل من المؤسسات المالية المختصة لتقييم آثار أسلمة النظام المالي، كما شكلت لجنة عليا من كبار المسئولين في البنوك الخمسة المؤممة لإعداد الخطوات العملية لتطبيق النظام المصرفي الإسلامي، كما قام كل بنك بدوره بالدراسة التحليلية لكل خطوة قبل تطبيقها.

ومن مجموع هـذه الجهود الجماعية – التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات قبل بداية التطبيق المرحلي، ثم استمرت مع المراحل المختلفة حتى الآن – تكون رصيد ضخم من التقارير والدراسات والقوانين واللوائح والتنظيمات والأوامر في شكل سيل لا ينتهي وليس له نظير في أي دولة أخرى من الدول المهتمة بأسلمة النظام المصرفي.

وقد أوضح تقرير المجلس أن عدم إمساك حسابات نظامية – نتيجة الأمية من ناحية، والميل إلى إخفاء الأرباح الحقيقية من ناحية أخرى – يشكل عائقا في سبيل تطبيق نظام المشاركة في الربح أو الخسارة بواسطة البنوك، وأوصى التقرير بمحو الأمية، والإصلاح الخلقي، والتعديل الجوهري لنظام الضرائب، وتطوير نظم المحاسبة والتدقيق لإيجاد جو أفضل لنجاح نظام المشاركة في الربح والخسارة الذي يعتبر – مع القرض الحسن – البديل الإسلامي الأول للنظام المصرفي الحالي.

وحتى يتم ذلك فإن استخدام البدائل الأخرى – والتي تعتبر من الناحية الإسلامية من الدرجة الثانية – رغم أنها خالية من الربا وتعتبر حلالا، إلا أن استخدامها يجب أن يكون بحذر، وفي أضيق نطاق، وبصورة مؤقتة حتى تتقلص تماما ويحل محلها نظام المشاركة في الربح والخسارة ونظام القرض الحسن.

واستعرض تقرير المجلس عددا من الوسائل والنظم التي يمكن للبنوك والمؤسسات المالية استخدامها ومنها: [ ص: 36 ]

(1) التمويل مقابل رسم التكلفة.

(2) الإيجار.

(3) المزاد الاستثماري.

(4) البيع لأجل.

(5) الإيجار المنتهي بالتمليك.

(6) التمويل على أساس المعدل العادي للربح.

(7) القروض المقابلة على أساس المضاعف الزمني.

(8) تسهيلات القروض الخاصة.

واستبعد الوسيلتين 1، 2 واعتبر أن باقي الوسائل هـي من الدرجة الثانية.

2 – ويمكن تلخيص المراحل التي تمت بها عملية أسلمة النظام المصرفي في باكستان على النحو التالي:

* نوفمبر 1978م: تقدير التقرير المبدئي إلى المجلس.

* فبراير 1979م: إعلان خطة 3 سنوات لتطبيق النظام.

* 1 يوليو 1979م: بدء تطبيق نظام التمويل اللاربوي للمزارعين.

* أغسطس 1979م: بدء تطبيق نظام التمويل اللاربوي لبناء المساكن HBFC.

* يناير 1980م: بدء شهادات الاستثمار المتقاسمة الأرباح لمؤسسات الدولة SEmF.

* يناير 1980م: تقدير التقرير النهائي إلى المجلس.

* 15/6/1980م: اعتماد المجلس للتقرير.

* 26/6/1980م: تعديل النظام المالي وقانون الشركات بما يسمح بإصدار شهادات الاستثمار – إصدار قانون شركات المضاربة.

1/7/1980م: شمول نظام التمويل اللاربوي للصيادين والجمعيات [ ص: 37 ] التعاونية لتحسين مجاري المياه وللمؤسسات الصغيرة SBFC.

امتناع البنوك عن الإقراض بفائدة لبناء المساكن.

* أكتوبر 1980م: تحويل نظام مؤسسة الاستثمار الباكستانية ICP إلى المشاركة في الربح والخسارة.

* 1/1/1981م: بدء قبول البنوك الودائع المشاركة في الربح والخسارة واستثمارها في تمويل المؤسسات العامة والسلع على أساس البيع المؤجل.

بدء إصدار شهادات الاستثمار المحددة المدة PTC.

* 26/1/1981م: إصدار اللوائح التنفيذية لقانون المضاربة.

* 13/8/1981م: بدء تمويل البنوك التجارية للمساكن على أساس المشاركة في الربح والخسارة.

* سبتمبر 1981م: بدء نظام القروض الحسنة للطلاب المحتاجين.

* 1/7/1982م: بدء نظام التمويل بالمشاركة والإيجار المنتهي بالتمليك.

* 12 / 10/1982م: بدء نظام الودائع تحت الطلب بين البنوك على أساس المشاركة في الربح والخسارة.

* 2 / 11/1982م: بدء استثمار البنوك التجارية في شهادات المضاربة.

* 31 / 12/1984م: صدور قانون المحاكم المصرفية BTO وسنتناوله بشيء من التفصيل في المبحث الثالث من الفصل الثاني من هـذا الباب.

* 31 / 12/1984م: صدور قانون الخدمات المصرفية والمالية BanKing and Financial Services Ordinance

وتم بموجبه تعديل سبعة قوانين لإتاحة الإطار القانوني السليم للعمليات المصرفية والمالية الإسلامية التي كانت هـذه القوانين عقبة في سبيل تطبيقها. وهذه القوانين هـي: [ ص: 38 ]

قانون البنوك لسنة 1962م.

قانون الشركات لسنة 1984م.

قانون ضريبة الدخل لسنة 1979م.

قانون التسجيل لسنة 1908م.

قانون المشاركات لسنة 1932م.

قانون ضريبة الثروة لسنة 1963م.

قانون البنك الاتحادي التعاوني لسنة 1977م.

* 1/1/1985م: انحصار تمويل البنوك للقطاع الحكومي والعام والشركات في الطريقة اللاربوية.

* 1/4/1985م: شمول النظام الإسلامي لتمويل البنوك للأفراد.

* 1/7/1985م: عدم قبول البنوك أية ودائع بالعملة المحلية على أساس الفائدة.

* استمرار قبول الودائع بالعملات الأجنبية على أساس الفائدة.

* واستمرار تقديم القروض بالعملات الأجنبية على أساس الفائدة.

* واستمرار دفع الفوائد على القروض الأجنبية.

3 – وتتلخص تعليمات البنك المركزي في تحديد الوسائل الاثنتي عشرة التالية لاستثمارات أموال البنوك:

(أ) التمويل بالإقراض:

(1) القروض اللاربوية مع تحمل المقترض رسما يغطي حصته من المصاريف العملية وفقا لما يحدده البنك المركزي من حين لآخر، والتي لا تشمل تكلفة التمويل ذاته أو مخصصات الديون المعدومة والمشكوك فيها، ولا تزيد عن 4%. [ ص: 39 ]

(2) القروض الحسنة دون تحمل أي رسوم، وتعطى للطلاب المحتاجين.

(ب) التمويل التجاري:

(3) التمويل بالمرابحة؛ بشراء سلعة وبيعها لأجل إلى العميل. ويبيح النظام تخفيض الثمن في حالة السداد المبكر.

(4) شراء أوراق تجارية وسندات دفع بسعر أقل من قيمتها (بالخصم)MarK-Down.

(5) شراء البنك سلعا من عميله ثم بيعها إليه ثانية Buy-BacK. وتستخدم هـذه الوسيلة في احتساب السحب على المكشوف؛ حيث يعتبر كل سحب بيعا وكل سداد شراء.

(6) الإيجار.

(7) الإيجار المنتهي بالتمليك.

(8) تمويل التنمية العقارية.

(جـ) التمويل الاستثماري:

(9) التمويل بالمشاركة في ربح وخسارة المؤسسة.

(10) المساهمة في رأس المال بشراء أسهم الشركات.

(11) شهادات المشاركة المؤقتة PTC وشهادات المضاربة التي تصدرها الشركات ضمن إطار تحدده الحكومة وشروط تبين تاريخ الاستحقاق ونسبة الربح والخسارة وطريقة السداد.

(12) المشاركة في إيجاد العقار بين البنك والعميل.

4 – هـذا وقد كان المتبع في البيع الآجل في حالة تأخير المشتري عن السداد في الموعد المتفق عليه أن يحتسب البنك ربحا إضافيا عن التأخير، وقد احتجت الدوائر الدينية على هـذا الإجراء مما أدى إلى ترك العمل بهذا النظام بدءا من 1/7/1984م.

كما أنه وفقا للتقرير الرسمي لوزارة المالية، فإن علماء الشريعة يرون أن [ ص: 40 ] الشكل الذي استخدمت به شهادات الاستثمار لأجل PTC حتى الآن وكذلك ترتيبات الشراء ثانية Buy-BacK والخصمMarK-Down لا تتفق مع أحكام الشريعة مما ألقى ظلالا من الشك حول إسلامية وسائل الادخار والتمويل المستعملة.

ثانيا: إيران

1 – لتحديد الإطار العام للنظام المصرفي ومكانه من النظام الاقتصادي نورد فيما يلي المادتين 43، 44 من دستور جمهورية إيران الإسلامية:

م 43:

من أجل ضمان الاستقلال الاقتصادي للمجتمع، واجتثاث جذور الفقر والحرمان، وتوفير كافة متطلبات الإنسان عن طريق التكافل والنمو؛ مع حفظ حريته، يقوم اقتصاد جمهورية إيران الإسلامية على أساس القواعد التالية:

(1) توفير الحاجات الأساسية للجميع: المسكن والغذاء واللباس، والصحة والعلاج، والتربية والتعليم، والإمكانات اللازمة لتشكيل الأسرة،

(2) توفير فرص وإمكانات العمل للجميع، بهدف الوصول إلى مرحلة انعدام البطالة، ووضع وسائل العمل تحت تصرف كل من هـو قادر على العمل ولكنه فاقد لوسائله؛ بصورة تعاونية، عن طريق الإقراض بلا فائدة، أو أي طريق مشروع آخر، بحيث لا ينتهي إلى تمركز وتداول الثروة بيد أفراد ومجموعات خاصة، وبحيث لا تتحول الحكومة معه إلى رب عمل كبير مطلق. وهذه العملية يجب أن تتم مع ملاحظة الضروريات القائمة في البرامج الاقتصادية العامة للدولة في كل مرحلة من مراحل النمو.

(3) تنظيم البرنامج الاقتصادي للدولة بصورة يكون معها شكل ومحتوى وساعات العمل؛ بحيث تمنح لكل فرد – بالإضافة إلى جهوده العملية - [ ص: 41 ] الفرصة والقدرة الكافية على بناء ذاته معنويا، وسياسيا، واجتماعيا، والمساهمة الفعالة في قيادة الدولة، وتنمية مهاراته ومواهبه.

(4) توفير الحرية في انتخاب العمل، وعدم إجبار الأفراد على عمل معين، ومنع أي استثمار لعمل الآخرين.

(5) منع الإضرار بالغير، والاحتكار ، والربا ، وبقية المعاملات الباطلة والمحرمة.

(6) منع الإسراف والتبذير في كافة الشئون المرتبطة بالاقتصاد، التي تشمل الاستهلاك، والاستثمار، والإنتاج، والتوزيع، والخدمات.

(7) الاستفادة من العلوم والفنون، وتربية الأفراد ذوي المهارات، حسب نسبة الحاجة، من أجل توسيع وتقدم الاقتصاد الوطني.

(8) منع التسلط الاقتصادي الأجنبي على الاقتصاد الوطني.

(9) التأكيد على مضاعفة الإنتاج الزراعي، والحيواني، والصناعي، الذي يسد الحاجات العامة، ويوصل الدولة إلى حد الاكتفاء الذاتي، ويحررها من التبعية.

م 44:

يقوم النظام الاقتصادي لجمهورية إيران الإسلامية على أساس ثلاثة قطاعات: الحكومي والتعاوني والخاص، مع برمجة منظمة وسليمة:

* القطاع الحكومي: يشمل كافة الصناعات الكبيرة والصناعات الأساسية، والتجارة الخارجية، والمعادن الكبيرة، والعمل المصرفي، والتأمين، وتوفير الطاقة، والسدود، وشبكات الري الكبيرة، والإذاعة والتليفزيون، والبريد والبرق والهاتف، والطيران، والمواصلات البحرية، والطرق، والسكك الحديدية، وما شابهها مما يكون بصورة الملكية العامة، وتحت تصرف الحكومة.

* القطاع التعاوني: يشمل الشركات ومؤسسات الإنتاج والتوزيع التعاونية التي تتشكل في المدن والقرى وفق القواعد الإسلامية. [ ص: 42 ]

* القطاع الخاص: يشمل ذلك القسم من الزراعة، والتربية الحيوانية، والصناعة، والتجارة، والخدمات، الذي يكون مكملا للفعاليات الاقتصادية الحكومية والتعاونية.

وقانون الجمهورية الإسلامية يحمي الملكية في هـذه القطاعات الثلاثة، ما دامت مطابقة مع المواد الواردة في هـذا الفصل، وغير خارجة عن إطار القوانين الإسلامية، ومؤدية إلى نمو وتوسعة الاقتصاد الوطني، ولم تكن عامل إضرار بالمجتمع.

القانون يحدد تفاصيل، وضوابط، ومجالات، وشروط هـذه القطاعات الثلاث.

2 – وقد صدر في أول سبتمبر 1983م القانون المصرفي الإسلامي في إيران الذي نص على التنظيم الكامل للجهاز المصرفي، وبدأ تنفيذه منذ 21/3/1984م، بحيث لم تعد البنوك منذ ذلك التاريخ تقبل الودائع أو تعطي القروض على أساس الفائدة.

وتجدر الإشارة إلى أهم ملامح هـذا التنظيم:

نصت المادة الأولى على أن أهداف النظام المصرفي هـي:

1 – استقرار النظام النقدي الائتماني على أساس الحق والعدل (وفق المعايير الإسلامية) لغرض تنظيم التداول الصحيح للنقد والائتمان، للاتجاه بذلك صوب سلامة الاقتصاد ونموه في القطر.

2 – العمل باتجاه تحقيق الأهداف والسياسات والبرامج الاقتصادية لحكومة الجمهورية الإسلامية عبر الوسائل النقدية والائتمانية.

3 – إيجاد التسهيلات اللازمة لتوسيع دائرة التعاون العام والقرض اللاربوي من خلال جلب الأموال الحرة والمدخرات وإيداعات التوفير والودائع وتعبئة الكل باتجاه تأمين ظروف وإمكانات العمل وتوظيف رأس المال، وذلك لتنفيذ البندين 2، 9 من المادة 43 من الدستور.

4 – الحفاظ على القيمة النقدية، وإيجاد التعادل في ميزان المدفوعات [ ص: 43 ] وتسهيل التبادل التجاري.

5 – العمل على التسهيل في مجال المدفوعات والمقبوضات والمبادلات والمعاملات وسائر الخدمات التي تلقى على عهدة المصرف بموجب القانون.

تقبل المصارف الودائع تحت عنوان ودائع القرض اللاربوي (القرض الحسن) وهذه تشمل الحساب الجاري وودائع التوفير، وتحت عنوان ودائع الرساميل التوظيفية ذات المدة حيث يعد المصرف وكيلا في استثمارها في مجالات: المشاركة، والمضاربة، والإجارة بشرط التمليك، والبيع بالأقساط، والمزارعة، والمساقاة، والتوظيف المباشر، ومعاملات بيع السلف، والجعالة. (مادة 3).

وتتعهد المصارف بإعادة دفع أصل ودائع القرض اللاربوي (التوفيرية والجارية) كما أنه لا مانع لديها من تأمين ودائع الرساميل التوظيفية ذات المدة. (مادة 4).

ولغرض تشجيع المواطنين على الإقبال على إيداع نقودهم ومدخراتهم لدى المصارف تستطيع المصارف أن تسلك السبل التشجيعية التالية وتمنحها امتيازات للمودعين:

(أ) منح الجوائز غير المقدرة – نقدية كانت أو عينية – لإبداعات القرض اللاربوي.

(ب) التخفيف أو الإعفاء من رسوم ومصاريف الخدمات المصرفية.

(جـ) منح حق التقدم والأولوية للمودعين في الاستفادة من التسهيلات المصرفية الممنوحة. (مادة 6).

* لا يحق للمصارف مطلقا توظيف رأسمالها في إنتاج الكماليات والأمتعة الاستهلاكية غير الضرورية. (مادة 8).

* كما ليس للمصارف عقد المضاربة مع القطاع الخاص في مجال الواردات. (مادة 9). [ ص: 44 ]

* وللمصارف أن تضع المصادر المالية اللازمة تحت تصرف الزبائن مع إعطاء الأولوية للتعاونيات القانونية وذلك تسهيلا لتوسيع المجالات التجارية في إطار السياسات التجارية للحكومة. (مادة 9).

* وتستطيع المصارف القيام ببناء الوحدات السكنية الرخيصة الثمن لأجل بيعها بالتقسيط أو إجارتها مع شرط التملك بعد مدة مقررة. (مادة 10).

* وتستطيع المصارف شراء الأموال المنقولة بطلب من العميل – بشرط التزامه بالشراء من المصرف لغرض الاستهلاك أو الانتفاع المباشر من المال موضوع الطلب بإعطاء التأمين على ذلك – ثم بيعها للمشتري بالتقسيط. (مادة 11).

* وتستطيع المصارف – عند طلب العميل والتزامه بالإجارة المشروطة بالتمليك بعد مدة، وتعهده بالانتفاع المباشر من المتاع موضوع الطلب – أن تقوم بشراء الأمتعة المنقولة وغير المنقولة ثم إجارتها للطالب على شرط التمليك له بعد مدة مقدرة. (مادة 12).

* كما تستطيع المصارف – لكي توجد التسهيلات اللازمة لتأمين السيولة المالية للوحدات الإنتاجية – أن تقوم بأي من العمليات التالية:

(أ) شراء المواد الخام وقطع الغيار التي تحتاجها الوحدات الإنتاجية بطلب وتعهد منها بشرائها واستعمالها، ثم تقوم – أي البنوك – ببيعها للوحدات المذكورة بشكل النسيئة.

(ب) أن تشتري – سلفا – من هـذه الوحدات محاصيلها التي تتصف بسهولة البيع بطلب منها. (المادة 13).

* ويجب على المصارف – لغرض تحقيق الأهداف المذكورة في البندين 3، 9 من المادة (43) من الدستور – أن تخصص جزءا من منابعها المالية لطالبي القرض اللاربوي. (مادة 14).

* وتعتبر كل سندات العقود المبرمة بين المصارف وعملائها في حكم [ ص: 45 ] السندات اللازمة التنفيذ والتابعة لمفاد النظام التنفيذي للسندات الرسمية. (مادة 15).

* يقوم المصرف المركزي بالرقابة والإشراف على الأمور النقدية والمصرفية، مستخدما الوسائل التالية. (مادة 20):

1 – تقدير الحد الأدنى والحد الأقصى لنسبة حصة المصارف من الأرباح في عمليات المشاركة والمضاربة، ويمكن أن تكون النسب متفاوتة باختلاف مجالات الأنشطة.

2 – تعيين المجالات المختلفة لتوظيف الرساميل، والمشاركة في إطار السياسات الاقتصادية المصادق عليها، وتقدير الحد الأدنى لنسبة الربح المترتبة لاختيار مشروعات توظيف الرساميل، والمشاركة. ويمكن أن يكون الحد الأدنى متفاوتا في المجالات المختلفة.

3 – تقدير الحد الأدنى والحد الأقصى لحصة المصارف من الأرباح في المعاملات التقسيطية أو الإجارة بشرط التمليك، بشكل يتناسب مع سعر الكلفة لموضوع المعاملة.

4 – تعيين النوعية وتقدير الحد الأدنى والحد الأعلى لأجرة العمل المأخوذة إزاء الخدمات المصرفية (بشرط ألا تتجاوز كلفة العمل والخدمة المبذولة) ولحق الوكالة في استخدام الودائع التي يستلمها المصرف للتوظيف والاستثمار.

5 – تعيين النوعية وتقدير الحد الأدنى والأعلى للامتيازات موضوع المادة 6، وتعيين معايير الدعاية للمصارف في هـذه الحالات.

6 – تقدير الحد الأدنى والحد الأعلى لميزانية المشاركة، والمضاربة، وتوظيف رأس المال، والإجارة بشرط التمليك، والمعاملات التقسيطية، والنسيئة، والسلف، والمزارعة، والمساقاة، والجعالة، والقرض اللاربوي للمصارف أو أي منها من مجالات النشاط المختلفة, [ ص: 46 ]

وكذلك تقدير الحد الأعلى للتسهيلات الممنوحة لكل متعامل مع المصرف.

* وتعتبر الأموال التي تأخذها المصارف على أساس حق العمل وحق الوكالة من دخلها الخاص بها، لا تقبل التوزيع بين المودعين. (مادة 23).

* وقد نصت المادة 21 على أنه ليس للمصرف المركزي التعامل الربوي مع أي من المصارف، وكذلك ليس للمصارف التعامل الربوي فيما بينها.

ثالثا: ماليزيا

قام رئيس وزراء ماليزيا – نتيجة مساعي بعض المؤسسات والشخصيات الماليزية – بتشكيل لجنة وطنية للبنك الإسلامي في 30/7/1981م وقد قامت بتقديم تقريرها في 1/7/1982م متضمنا – بين أمور أخرى – التوصيات التالية:

1 – ضرورة تأسيس بنك يعمل وفقا للشريعة الإسلامية.

2 – ضرورة أن يؤسس البنك شركة محدودة وفقا لقانون الشركات لسنة 1965م.

3 – ضرورة إصدار قانون للبنوك الإسلامية لتنظيم الترخيص لها والإشراف عليها، وضرورة إدخال بعض التعديلات على بعض القوانين القائمة، كقانون الشركات لسنة 1965م، وقانون البنوك لسنة 1973م، وقانون الشركات المالية لسنة 1969م، ومرسوم بنك ماليزيا المركزي لسنة 1958م.

4 – ضرورة إشراف بنك ماليزيا المركزي على نشاط البنك الإسلامي.

5 – ضرورة تشكيل مجلس رقابة شرعية للإشراف على مطابقة عمليات البنك للشريعة الإسلامية. [ ص: 47 ]

وكانت اللجنة قد شكلت ثلاث لجان فرعية لدراسة الموضوع من جوانبه الشرعية والقانونية والعملية.

* كما أرفقت بتقريرها مشروعا لقانون البنوك الإسلامية ومشروعا لقانون الاستثمار.

* وتضمنت اقتراحات اللجنة الاقتصار في البداية على التصريح لبنك إسلامي واحد، وأن تقتصر المساهمة في هـذا البنك في البداية على الحكومة المركزية والجهات الحكومية المحلية، وأن يتأجل قبول مساهمات الأفراد إلى مرحلة لاحقة.

* وقد وافقت الحكومة على مضمون التقرير، وأصدر البرلمان ومجلس الشيوخ قانون البنوك الإسلامية في نهاية 1982م ونشر بالجريدة الرسمية في 1983م.

* ويتضمن القانون المذكور تنظيما لعملية التصريح والإشراف على البنوك الإسلامية من قبل البنك المركزي الماليزي، بصورة مشابهة لما يتم مع البنوك الأخرى، مع بعض التعديلات التي تقتضيها طبيعة نشاط البنك الإسلامي. وقد احتفظ القانون بصفة رئيسة بالقواعد المتعلقة بالحيطة والحذر في الأعمال المصرفية.

* ومما يسترعي الانتباه في مضمون هـذا القانون الأمور التالية:

1 – ضرورة تخصيص البنك الإسلامي 50% من ربحه الصافي بعد خصم الزكاة والضرائب كاحتياطي، حتى يصل هـذا الاحتياطي إلى 50% من رأس المال المدفوع، وبعد ذلك تكون نسبة التخصيص للاحتياطي 25% من الربح الصافي حتى يصل مجموع الاحتياطي إلى 100% من رأس المال المدفوع.

2 – حق البنك المركزي في تحديد نسب السيولة التي يحتفظ بها كل بنك إسلامي من حين لآخر، وفرض غرامة واحدا في الألف يوميا عن كل مبلغ مخالف لهذه التعليمات، كما يشكل عدم دفع الغرامة جريمة وفقا للقانون.

3 – تحديد سقف الائتمان غير المغطى بالكامل بمبلغ (10000) [ ص: 48 ] ((رنجت)) لأي شركة ذات علاقة بالبنك فيما عدا البنوك والشركات المالية المرخصة.

4 – ضرورة تبليغ البنك المركزي عن أية ضمانة يصدرها بنك إسلامي تتجاوز 20% من رأس ماله المدفوع.

5 – ضرورة تعيين مدقق حسابي خارجي بشروط نص عليها القانون، ونشر تقريره مع الميزانية التي ينبغي أن تكون شكلا ومضمونا وفقا لمتطلبات البنك المركزي.

رابعا: تركيا

صدر في تركيا قانون خاص ينظم نشاط التمويل اللاربوي ويسمى ((بيوت التمويل الخاصة)) وذلك بالمرسوم رقم 7506 / 1983م المؤرخ 16 / 12/1983م، ورقم 7833 / 84 المؤرخ 15/3/1984م، الصادرين عن مجلس الوزراء، والبيانات الصادرة عن وزارة المالية والتجارة الخارجية [الجريدة الرسمية رقم 18323 بتاريخ 25/2/1984م] وعن البنك المركزي [الجريدة الرسمية رقم 18348 بتاريخ 21/3/1984م].

وقد أسس حتى الآن وفقا لهذا التنظيم بيت التمويل البركة التركي، وبيت فيصل للتمويل ويمارسان عملهما وفقا لهذا النظام.

وتستطيع بيوت التمويل وفقا لهذا النظام أن تقبل نوعين من الودائع:

1 – الحسابات الجارية: سواء بالليرة التركية أو بالعملات الأجنبية، ولا يتقاضى المودع أية فائدة أو ربح عن المبالغ المودعة في هـذا الحساب والتي يلتزم البيت بردها عن الطلب.

2 – حسابات المشاركة: سواء بالليرة التركية أو بالعملات الأجنبية، [ ص: 49 ] ويشارك المودع ربحا وخسارة في نتائج استثمار البيت للمبالغ المودعة في هـذه الحسابات.

وتتميز هـذه الحسابات بالآتي:

(أ) لا يتقاضى المودع أي فائدة محدودة مسبقا، ولا يضمن بيت التمويل أصل الوديعة؛ إذ يشارك المودع في ربحها وخسارتها.

(ب) تقبل الودائع لمدة قدرها: 90، 180، 360 يوما أو أكثر، وتستثمر ودائع كل مدة في سلة تدار وتمسك حساباتها بصورة منفصلة عن سلات المدد الأخرى.

(جـ) يتحمل بيت التمويل مصاريف إدارة هـذه الحسابات.

(د) يستحق بيت التمويل نسبة في ربح أو خسارة هـذه الحسابات لا تتجاوز 20%.

(هـ) يمكن سحب الوديعة قبل موعد استحقاقها بإخطار مدته 30 يوما.

وتستخدم المبالغ المودعة في حسابات المشاركة بالطرق التالية:

- الشراء نقدا والبيع لأجل، ويتم الشراء والبيع في الوقت نفسه.

- التمويل بالمشاركة في الربح والخسارة.

- شراء المعدات وتأجيرها.

- تمويل الاعتمادات المستندية؛ وذلك فيما يصرح به نظام التجارة الخارجية.

كما تقدم بيوت التمويل الخاصة الخدمات التالية:

- تأجير الخزائن الحديدية.

- الدفع والتمويل.

- إعداد دراسات الجدوى.

- تقديم خطابات الضمان.

- المشاركة في المؤسسات الأخرى وفقا للشروط الموضحة في النظام.

- شراء وبيع العقارات لأغراض تجارية. [ ص: 50 ]

- إنشاء وإعداد الصناعات الزراعية.

- قبول ودائع خاصة لتمويل مشروعات خاصة.

ويتولى رئيس الوزراء سلطة تنظيم قيام بيوت التمويل بعملها في إطار المراسيم المشار إليها، كما أن له سلطة التفتيش عليها في أي وقت؛ وذلك بالإضافة إلى سلطة البنك المركزي في التفتيش على عمليات وحسابات هـذه البيوت.

خامسا: الإمارات العربية المتحدة

صدر في 15 / 12/1985م. القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1985م. في شأن المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية.

ويتضمن هـذا القانون تنظيما للمسائل التالية:

1 – الترخيص والرقابة والتفتيش.

2 – نطاق الأنشطة المسموح بها.

3 – الرقابة الشرعية الخارجية والداخلية، ورقابة ديوان المحاسبة.

(1) ويقصد بالمصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية تلك التي تتضمن عقودها التأسيسية ونظمها الأساسية التزاما بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتباشر نشاطها وفقا لهذه الأحكام.

وتتخذ تلك المصارف والمؤسسات والشركات شكل شركة المساهمة العامة، ويتم تأسيسها وفقا لأحكام قانون الشركات التجارية (8 لسنة 1984م) وتخضع لترخيص المصرف المركزي ورقابته وتفتيشه؛ طبقا لأحكام المصرف المركزي والنظام النقدي وتنظيم المهنة المصرفية (10 لسنة 1980م) وبما لا يتعارض مع أحكام هـذا القانون.

وتخضع تلك المصارف والمؤسسات والشركات للقوانين والنظم المعمول [ ص: 51 ] بها في الدولة ولقواعد العرف السائدة، وذلك فيما لم يرد في شأنه نص خاص في هـذا القانون. (مادة 2).

(2) ويكون للمصارف الإسلامية الحق في مباشرة جميع أو بعض الخدمات والعمليات المصرفية والتجارية والمالية والاستثمارية، كما يكون لها الحق في مباشرة جميع أنواع الخدمات والعمليات التي تباشرها المصارف؛ سواء تمت هـذه الخدمات أو العمليات لحساب المصرف الإسلامي أو لحساب غيره، أو بالاشتراك معه، ويكون للمصارف الإسلامية أيضا الحق في تأسيس الشركات، والإسهام في مشاريع قائمة أو تحت التأسيس؛ بشرط أن يكون نشاطها متفقا مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ويكون للمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية الحق في القيام بعمليات التسليف والإقراض وغيرها من العمليات المالية، وكذلك الإسهام في مشاريع قائمة أو تحت التأسيس، واستثمار أموالها في القيم المنقولة وتلقي الودائع النقدية لاستثمارها طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية. (مادة 3).

وتستثنى المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية التي تؤسس في الدولة، وفروع ومكاتب المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية الأجنبية التي يرخص لها بالعمل داخل الدولة من أحكام البند (أ) من المادة (90) والبند (ه) من المادة (96) من قانون المصرف المركزي. كما تستثنى تلك الجهات من أحكام البند (ب) من المادة (90) وذلك بما لا يتعارض مع أحكام التشريعات المعمول بها في الإمارة المعنية. (مادة 4).

(3) تشكل بقرار من مجلس الوزراء هـيئة عليا شرعية – تلحق بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف – تضم عناصر شرعية وقانونية ومصرفية تتولى الرقابة العليا على المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية؛ للتحقق من مشروعية معاملاتها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك إبداء الرأي فيما يعرض على هـذه الجهات من مسائل أثناء [ ص: 52 ] ممارستها لنشاطها، ويكون رأي الهيئة العليا ملزما للجهات المذكورة. (مادة 5).

* يتعين النص في عقد تأسيس المصرف أو المؤسسة المالية أو الشركة الاستثمارية الإسلامية وفي النظام الأساسي لكل منها على تشكيل هـيئة للرقابة الشرعية لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة، تتولى مطابقة معاملاتها وتصرفاتها لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها، ويحدد النظام الأساسي لكل منها كيفية تشكيل هـذه الهيئات وأسلوب ممارستها لعملها واختصاصاتها الأخرى. وتعرض أسماء هـيئة الرقابة الشرعية على الهيئة العليا لإجازتها قبل صدور قرار التشكيل. (مادة 6).

* وفي حالة خضوع المصرف أو المؤسسة المالية أو الشركة الاستثمارية الإسلامية لرقابة ديوان المحاسبة طبقا للقانون الاتحادي (7 لسنة 1976م) تقتصر مهمة الديوان على الرقابة اللاحقة، ولا يكون للديوان أن يتدخل في تسيير أعمال تلك الجهات أو التعرض لسياستها. (مادة 7).

* وقد أعطى القانون المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية وكذلك الفروع الأجنبية القائمة مهلة سنة من تاريخ العمل بالقانون الجديد لتوفق أوضاعها وفقا لأحكامه. [ ص: 53 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية