الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المبحث الثاني: النسب RATIOS

تمثل النسب في القوانين المصرفية سقوفا لا يجوز للبنوك أن تتعداها، حرصا على تحديد المخاطر التي تتعرض لها.

والبنوك الإسلامية؛ بحكم المخاطر الأشد التي تتعرض لها بحاجة لا إلى مثل هـذه النسب فقط بل إلى التشدد فيها، واستحداث المزيد مما يناسب طبيعة نشاطها.

وتعتبر النسب تعبيرا رقميا عن بعض الضوابط التي أشرنا إليها في المبحث السابق.

وتأخذ قوانين بعض الدول اتجاه التفصيل والتوسع في هـذه النسب، بينما تقتصر قوانين دول أخرى على عدد محدود من هـذه النسب. وينفرد النظام البريطاني بعدم إصدار نسب عامة تنطبق على كافة البنوك، وغنما يختص البنك المركزي BanK of England بتحديد نسب خاصة لكل بنك تناسب حالته.

ونحن نميل بالنسبة للبنوك الإسلامية إلى اتجاه التفصيل والتوسع؛ رعاية لها وللمودعين بها في مرحلة الفتوة والانطلاق التي تمر بها...

ونتناول فيما يلي أهم النسب التي تنص عليها القوانين المصرفية:

أولا: الحد الأدنى لرأس المال

تنص القوانين المصرفية على حد أدنى لرأس المال الضروري للسماح للبنك بممارسة النشاط المصرفي. ويختلف هـذا الحد من دولة إلى أخرى، ونرى أن يكون رأس مال البنك الإسلامي أعلى من هـذا الحد الأدنى بنسبة: 50 – 100% لتنوع أنشطة البنك الإسلامي، واحتمال تجميد جزء من أمواله في استثمارات طويلة الأجل صعبة التسييل. [ ص: 91 ]

ثانيا: العلاقة بين رأس المال والودائع

تنص القوانين المصرفية على علاقة بين رأس المال وحقوق المساهمين الأخرى (احتياطيات وأرباح غير موزعة) وبين الودائع أو حجم الميزانية عموما.

وتتراوح – عادة – هـذه النسبة بين 2% (أي يكون أقصى حجم للودائع خمسين ضعف رأس المال)، و10% (أي يكون أقصى حجم للودائع عشرة أضعاف رأس المال) وتعتبر الدول التي تأخذ بالنسبة الأقل متساهلة، بينما الدول التي تشترط النسبة الأعلى تعتبر متشددة، وللبنوك في حالة استيعاب هـذه الطاقة لأن تتوقف عن قبول الودائع فيما يزيد عن الحد المسموح به، أو تزيد من رأس مالها بما يعطيها طاقة إضافية من الودائع.

والحكمة في اشتراط هـذه العلاقة هـو اعتبار رأس المال خطا دفاعيا للودائع؛ إذ يمتص الخسائر قبل أن تصيب الودائع، فكلما زادت الودائع – وبالتالي الفروض التي يقدمها البنك – كلما زاد احتمال الديون المعدومة التي تشكل خسائر يجب أن يمتصها رأس مال البنك حتى تظل الودائع بمنأى عن المساس بها.

هذا في البنوك التقليدية حيث علاقة المودع بالبنك علاقة دائن بمدين، ويلزم لذلك حمايته من أي خسارة تصيب البنك في علاقته بالمقترضين.

أما في البنوك الإسلامية – حيث يكون المودع شريكا للبنك؛ ربحا وخسارة – في معاملاته مع مستخدمي الأموال، فهل يظل لرأس المال هـذا الدور الدفاعي الذي يستلزم زيادته كلما زادت الودائع؟

من حيث المبدأ تشارك الودائع في الخسائر كما تشارك في الأرباح، وبذلك – وإذا اتبعت الأصول المحاسبية في اقتطاع مخصصات الديون المعدومة والديون المشكوك في تحصيلها وغير ذلك من المخصصات المبنية على تقدير سليم ودون تركها تتراكم من سبة لأخرى – فإن حساب الأرباح والخسائر للمودعين يمتص الخسائر – إن وجدت – أولا بأول، سواء كانت خسائر محققة [ ص: 92 ] أو محتملة، وبذلك لا يكون لرأس المال نفس الدور الدفاعي الذي يقوم به في البنوك التقليدية.

ولكن – من ناحية أخرى – يمكن لرأس المال أن يقوم بدور هـام في مجالات أخرى:

1 – كما سبق أن أشرنا في المبحث السابق (خامسا) فإن تحديد المخاطر بالنسبة للمودعين يستدعي فصل سلة خاصة بهم عن سلة المساهمين، حيث رأس المال والودائع المخصصة للمشاركات يمكن أن تستثمر في المشاريع ذات المدة الأطول وذات المخاطرة الأكبر، ولما كانت البنوك الإسلامية لا تستطيع التخلي عن الاستثمار في هـذه المجالات – التي تحقق بطبيعتها وظيفة تنموية هـامة، كما أنها تستخدم صيغة المشاركة التي تحاول سلة المودعين من أن تتجنبها لما فيها من مخاطر وصعوبة في التسييل – فإن دور رأس المال يصبح هـاما إذا حرصت البنوك الإسلامية على الاحتفاظ بالتناسب اللازم بين السلتين؛ لما بينهما من فروق سبقت الإشارة إليها.

2 – يمكن تصور قيام رأس المال بدور هـام في حالة سحب الودائع، إذ تزيد فرص تصفية بعض الاستثمارات – دون خسارة – للحصول على السيولة المطلوبة، فكلما زاد حجم رأس المال – وجزء منه مستثمر في سلة المودعين – كلما خفت أزمة السيولة في حالة السحب المكثف للودائع.

3 – يمثل رأس المال كذلك عاملا أساسيا عند تقييم البنك وتحديد خطوط الائتمان التي تعطيها له البنوك الأخرى، وكذلك عند تحديد حجم الضمانات الصادرة عنه والتي تقبلها البنوك الأخرى.

4 – يعتبر البنك الإسلامي في مواجهة أصحاب الودائع العامة بمثابة المضارب من رب المال، وبناء على هـذا التكييف فإنه في حالة الخسارة يتحمل المودعون كامل الخسارة، ولا يتحمل البنك (المضارب) [ ص: 93 ] سوى عمله المتمثل في مصاريفه العامة.

ولا يرد على هـذه القاعدة سوى استثناء حالة التعدي أو التقصير؛ حيث يتحمل البنك (المضارب) دون المودعين نتيجة التعدي أو التقصير، وهذه النتائج – على ندرة وقوع التعدي أو التقصير – ترتبط بحجم الأموال المستخدمة، ولا يفيد في تغطيتها رأس المال بالنسبة للودائع الكبيرة، لذلك يلزم وجود علاقة تناسبية بين رأس المال الذي يستحمل تبعة التعدي والتقصير وبين حجم الودائع.

فلهذا السبب خاصة – وللسببين السابقين كذلك – فإننا نرى ألا تقل نسبة حقوق المساهمين (رأس المال المدفوع + الاحتياطيات + الأرباح غير الموزعة) عن 10% من مجموع الودائع العامة.

ثالثا: الصيغ المستعملة

تمثل هـذه الناحية عنصرا جديدا في البنوك الإسلامية؛ إذ إن البنوك التقليدية تستخدم صيغة واحدة هـي صيغة القرض بفائدة، وهي الصيغة التي لا تستخدمها البنوك الإسلامية، وإنما تستخدم صيغا أخرى بديلة كالمرابحة والإيجار، والمضاربة، والمشاركة، وغير ذلك.

ونظرا للتفاوت الكبير بين نتائج الأخذ بصيغة أو بأخرى – فبينما صيغة المرابحة للأمر بالشراء تنعدم فيها المخاطرة أو تكاد، نجد أن صيغة المضاربة والمشاركة تزيد فيها المخاطرة إلى أقصى الحدود – فمن الضروري وضع ضوابط لا تتعدى فيها إحدى الصيغ الحجم المعقول مما يعرض أموال المودعين والبنك لمخاطر غير طبيعية، أو مما ينحرف فيها البنك عن أداء وظائفه في المجتمع.

فمثلا صيغة بيع المرابحة للأمر بالشراء – خاصة إذا أخذنا بمبدأ الوعد الملزم – تنعدم فيها المخاطرة أو تكاد، ويحاول البنك حصر دوره فيها في عملية التمويل؛ فلا يتحمل مخاطر المبيع إلا لحظات، كما أنها منحصرة في القطاع التجاري، وغالبا ما تستعمل في قطاع الاستيراد الذي يؤدي تشجيعه إلى [ ص: 94 ] اختلال الميزان التجاري، وإلى انخفاض سعر العملة المحلية...

وبالمقابل فإن صيغة المضاربة أو المشاركة يتمثل فيها اقتران رأس المال بالعمل وتحمل مخاطر العملية ربحا وخسارة، وتصلح لتمويل قطاعات التنمية، كالصناعة مثلا، ولكنها من جانب آخر تجر البنك إلى المشاركة في الإدارة أو الإشراف عليها، وإلى تدقيق الحسابات، وتدخله في متاهات المصروفات والتسويق وغير ذلك مما لا تتحمله عادة أجهزة البنوك، كما أن الخسارة الناتجة عن سوء الإدارة يتحمل البنك نتائجها.

لذلك كان توزيع استمارات البنك بين الصيغ المختلفة عنصرا رئيسا في سياسة البنك الاستثمارية.

وقد سبق أن أشرنا إلى فكرة فصل سلتين؛ إحداهما لأصحاب الودائع العامة (مع جزء من رأس المال والودائع المخصصة لاستثمارات غير محظورة) وسلة ثانية للاستثمارات المحظورة حيث يستخدم فيها جزء من رأس المال والودائع المخصصة للاستثمارات المحظورة.

فإذا اعتمد هـذا الفصل انحصر البحث في سلة الاستثمارات غير المحظورة؛ حيث نرى كذلك تحديد نسب لا يتعداها البنك في كل من الصيغتين الرئيستين المستعملتين في هـذه السلة، وهما صيغتا المرابحة والإيجار؛ بحيث لا يتعدى مجموع الأموال المستثمرة بطريق المرابحة 40% مثلا من مجموع الأموال المستثمرة في السلة.

كما نرى تحديد نسب لا يتعداها البنك في تمويل كل من قطاعات الاقتصاد المختلفة من موارد هـذه السلة وتختلف هـذه النسب بطبيعة الحال من بلد لآخر حسب الظروف الاقتصادية، كما يمكن تغييرها من وقت لآخر حسب الخطة العامة للدولة.

رابعا: الربحية

تحدد القوانين عادة سقفا لا تتعداه الفوائد الاتفاقية في حالات القروض والتقسيط، والفوائد القانونية في حالات التأخير في السداد. [ ص: 95 ]

ولا تستعمل البنوك الإسلامية وسيلة الفوائد بنوعيها، وإنما تستثمر بوسائل أخرى تحقق فيها عائدا من نوع الربح في حالة البيع، ومن نوع الأجرة في حالة الإيجار... إلخ.

والأصل أن الربح والأجرة مما يتفق عليه المتعاقدان دون سقف يحدد هـذا الاتفاق.

ولكن يرد على هـذا الأصل استثناءات:

ففي بعض البلاد – وأمام جشع التجار ومبالغتهم في رفع الأسعار – تتجه الحكومات حماية للمستهلك إلى تحديد نسبة الربح التي لا يجوز للتاجر أن يتعداها؛ إضافة إلى تكلفة بضاعته، أو إلى تحديد سعر البيع نفسه.

كما أنه في بعض البلاد – وأمام جشع المؤجرين ومبالغتهم في رفع الأجور – تتجه الحكومات حماية للمستأجرين إلى تحديد الإيجارات وربطها بتكلفة البناء محسوبة على أساس معين أو بأي عنصر آخر.

* والبنوك الإسلامية – بحكم استخدامها صيغتي البيع بالمرابحة والإيجار – تحكمها هـذه القوانين شأن باقي المواطنين.

* ولكن السؤال يرد – في حالة غياب هـذه القوانين – هـل يجوز للبنك الإسلامي أن يحدد دون قيد هـامش المرابحة الذي يطلبه، أو الأجرة التي يطلبها عند التعامل بهاتين الصيغتين؟

* الأصل أن قوانين العرض والطلب في السوق المفتوح كفيلة بالوصول إلى الأسعار العادلة، ولكن إعمال هـذه القوانين مشروط بوجود أكثر من بنك إسلامي في البلد الواحد، حتى يكون أمام العميل الخيار، ويجري التنافس بين البنوك الإسلامية كما يجري بين العملاء توصلا إلى تحديد السعر العادل.

* أما في حالة وجود بنك إسلامي واحد في البلد الواحد فإن هـذا الاحتكار للمعاملات الإسلامية يجعل المتعاملين الحريصين على تجنب التعامل بالفائدة أمام خيار وحيد هـو قبول الشروط التي تطلبها البنوك الإسلامية، [ ص: 96 ] وهنا يكون الإذعان للشروط المفروضة مفسدا للعقود من ناحية، ومشجعا للبنوك الإسلامية من ناحية أخرى على رفع أسعارها بما لا تستطيع أن تفعله لو وجد لها منافس، بل إن هـذه المبالغة في رفع الأسعار قد تشكل فتنة للمتعاملين تدفعهم إلى التعامل مع البنوك التقليدية إذا وجدوا تكلفة التمويل فيها أقل من تكلفة التمويل في البنك الإسلامي.

* وقد وجدت بالفعل حالات أدى فيها الطمع وقصر النظر إلى المبالغة في تكلفة التمويل بالمرابحة والإيجار أكثر من تكلفة التمويل بالفائدة، ولكن السمة الغالبة في سياسة البنوك الإسلامية هـي في أخذ أسعار الفائدة السارية بعين الاعتبار عند تحديد أسعارها؛ حتى أن بعضها يحرص على أن تكون تكلفة التمويل بالمرابحة أقل من تكلفة الفائدة السارية، وذلك حرصا على جذب العملاء من البنوك التقليدية، والوقوف معها موقف المنافسة في سوق التمويل.

هل يجوز أن تترجم هـذه السياسة إلى ضوابط تتضمنها القوانين المصرفية الحاكمة لنشاط البنوك الإسلامية، بأن ينص مثلا على أن نسبة المرابحة لا يجوز أن تتعدى سعر الفائدة الساري وقت التعاقد؟

لا نرى ذلك في حالة امتداد ضمان البنك للبضاعة فترة معقولة من الزمن تجعل منه بائعا حقيقيا يتحمل تبعة البضاعة بما يبرر حصوله على الربح.

أما في الحالات التي تختصر فيها مدة الضمان إلى لحظات ويتم فيها البيع فور الشراء ويعتبر فيها وعد العميل بالشراء – قبل أن يتملك البنك البضاعة – ملزما، فإن البنك في هـذه الحالات لم يتعرض إلى المخاطر المبررة لحصوله على ربح يزيد عن تكلفة التمويل السارية، ولا نرى مانعا من تدخل القانون في هـذه الحالة لمنع هـذه الزيادة غير المبررة.

* إن القول بأن العميل الحريص على دينه عليه أن يدفع الثمن قوله حق يراد بها باطل، إذ إن المعاملة الحلال ليست بضاعة تباع وتشترى، فالبضاعة هـي هـي، والتعامل عليها بالحلال ليس مبررا لرفع سعرها عن سعر مثلها. [ ص: 97 ]

* بقي أن نشير إلى أن هـذا البحث إنما يقتصر على حالتي البيع بالمرابحة والإيجار، أما التعامل بصيغة المضاربة والمشاركة حيث يتعرض البنك لمخاطر الخسارة، فلا يجوز للعميل أن يقارن بين تكلفة التمويل في هـذه الحالة (متمثلة في حصة البنك من الربح)، وبين تكلفة التمويل بالفائدة حيث لا يتحمل البنك التقليدي أي مخاطرة، إذ المقارنة هـنا مع الفارق الواضح غير واردة، وإنما يحكم تحديد نسب توزيع الأرباح في هـذه الحالة تقدير المتعاقدين للدور الذي يؤديه كل من التمويل والعمل أو الإدارة في تحقيق الربح؛ فكلما زادت أهمية العمل أو الإدارة زادت حصته من تحقيق الربح، وكلما زادت أهمية التمويل زادت حصته من الربح، والمسألة محل مفاوضة بين الطرفين، ولا مجال لتدخل القانون لتحديد نسب توزيع الربح بين الممولين والإدارة (سواء في المشاركة أو المضاربة) وإنما يرد قيد وحيد هـو أنه في حالة الخسارة فإنها توزع بين الممولين بنسبة حصة كل منهم في التمويل؛ حتى ولو كان الاتفاق على توزيع النسب مخالفة لنسب التمويل.

خامسا: السيولة

تنص القوانين المصرفية عادة على نسب السيولة التي تلتزم البنوك الاحتفاظ بها، وتحلل عناصر الأصول لهذا الغرض إلى نقدية، وحسابات تحت الطلب بالبنك المركزي والبنوك الأخرى، وودائع أقل من شهر، ثم أقل من ثلاثة شهور، وسندات وأسهم متداولة بالبورصة، ثم غير المتداولة بالبورصة، ومستحقات لدى العملاء قصيرة الأجل.. وهكذا صعودا حتى تصل إلى الأصول الثابتة في نهاية السلم وتختار من كل من هـذه العناصر نسبة محددة وتجمعها جميعا ثم تنسبها إلى مجموع الأصول للوصول إلى معرفة ما إذا كانت حالة السيولة في البنك فوق الحدود المسموح بها أو أدنى من ذلك. [ ص: 98 ]

هـذه إحدى الطرق التي تحتسب بها السيولة، وهي طرق متعددة تختلف من بلد لآخر.

ولا شك أن جانب السيولة في البنوك الإسلامية يحتاج إلى قياس وضبط؛ شأنها شأن البنوك الأخرى، ولكن معظم العناصر التي أشرنا إليها لا تتوافر في البنوك الإسلامية نظرا لأنها تدر عائدا مبنيا على الفائدة، وإذا نظرنا إلى ميزانية البنك الإسلامي وجدنا أصوله تتكون من نقدية وحسابات تحت الطلب بالبنك المركزي والبنوك الأخرى لا تتقاضى عنها فوائد، وودائع استثمارية لدى بنوك إسلامية، وأسهم، ومستحقات لدى العملاء هـي حصيلة مرابحات آجلة، وإيجارات سواء منها ما هـو بضمان بنوك أو ضمانات أخرى أو بدون ضمانات ثم أصول في استثمارات بالمشاركة في الربح والخسارة، وأخيرا الأصول الثابتة.

ونظرا لأن الحسابات تحت الطلب لا تتقاضى عنها فوائد فإن حجمها يكون في حدود الضرورة الدنيا، كما أن المستحقات لدى العملاء تكون عادة لمدد أكثر من ثلاثة شهور، أما الأصول الاستثمارية فمن الصعب تسييلها.

وبذلك لو طبقنا على البنوك الإسلامية حالة السيولة المطبقة على البنوك الأخرى لوجدنا السيولة بها أدنى بكثير من الحد المسموح به. ولا تتصور علاج هـذا الوضع في إعفاء البنوك الإسلامية من نسب السيولة، أو في التساهل معها في هـذا الصدد، بل العلاج في نظرنا هـو في تحويل أكبر قدر ممكن من أصول البنك الإسلامي إلى عناصر قابلة للتسييل، ولا يتم هـذا إلا بإصدار شهادات قابلة للتداول تمثل أصول البنك القابلة لهذا الوضع، وإيجاد سوق ثانوي لتداول هـذه الشهادات بحيث يصبح جزء هـام من أصول البنك الاستثمارية على [ ص: 99 ] درجة من السيولة تسمح بقياس وضبط حالة السيولة لدى البنوك الإسلامية.

فإذا تحقق هـذا الوضع بالإمكان حينئذ قياس سيولة البنك الإسلامي بضم النقدية والحسابات تحت الطلب لدى البنوك الإسلامية، ونسبة من الودائع الاستثمارية لدى البنوك الإسلامية الأخرى لأقل من ثلاثة شهور، ونسبة من الأسهم، ونسبة من المستحقات لدى العملاء بضمانات مصرفية، فإذا كان المجموع أكثر من 30% مثلا من مجموع أصول البنك اعتبرنا حالة السيولة فيه مرضية.

كما نرى إضافة مقياس آخر بنسبة المجموع السابق الإشارة إليه إلى مجموع التزامات البنك القصيرة الأجل والتي يمكن تحديدها بنسبة 70% مثلا من الودائع تحت الطلب، 50% مثلا من الودائع الاستثمارية لأقل من ثلاثة شهور.

فإذا كانت النسبة أكثر من 90% مثلا كانت حالة السيولة مرضية.

سادسا: نسب أخرى

تنص القوانين المصرفية على نسب أخرى لتحديد مخاطر العميل الذي يتعامل مع البنك، والبنوك الأخرى التي يقبل البنك كفالتها، والدول التي يستثمر البنك فيها، وغير ذلك من الضوابط التي تستهدف تحديد المخاطر، ولا يختلف البنك الإسلامي عن غيره من البنوك من هـذه الناحية، والمفروض أن يخضع لمثل هـذه الضوابط. [ ص: 100 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية