الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
8291 - وكأنه أراد ما أخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصبهاني الفقيه قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا أبو أسامة ، عن حسين بن ذكوان ، عن عمرو [ ص: 142 ] بن شعيب ، عن أبيه، عن جده قال: جاءت امرأة وابنتها من أهل اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال: "هل تعطين زكاة هذا؟" قالت: لا قال: "فيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار؟" قال: فخلعتهما، وقالت: هما لله ولرسوله.

8292 - هكذا رواه حسين المعلم ، ورواه الحجاج بن أرطأة ، كما أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه ، أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني قال: حدثنا المروزي يعني محمد بن يحيى قال: حدثنا خلف بن هشام قال: حدثنا ابن شهاب ، عن الحجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده قال: جاءت امرأتان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهما أسورة من ذهب، فقال لهما: "أتحبان أن يحليكما الله أسورة من نار؟" قالتا: لا قال: "فأديا حقه" .

8293 - قال الحجاج: يرون أن حقه زكاته.

8294 - قال أحمد : حسين المعلم أوثق من الحجاج ، غير أن الشافعي رحمه الله كان كالمتوقف في روايات عمرو بن شعيب ، إذا لم ينضم إليهما ما يؤكدها، لما قيل في رواياته، عن أبيه، عن جده: أنها من صحيفة كتبها عبد الله بن عمرو ، وقد ذكرنا في كتاب الحج، وغيره ما يدل على صحة سماع عمرو من أبيه، من جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، والله أعلم.

8295 - وقد انضم إلى حديثه هذا رواية ثابت بن عجلان ، عن عطاء [ ص: 143 ] : عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحا من ذهب، فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: "ما بلغ أن يؤدى زكاته فزكي فليس بكنز" ، أخبرناه الحسين بن محمد الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عتاب ، عن ثابت بن عجلان ، فذكره.

8296 - وانضم إليه أيضا حديث محمد بن عمرو بن عطاء ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: دخلنا على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: "ما هذا يا عائشة ؟" ، فقلت: صنعتهن أتزين لك فيهن يا رسول الله، فقال: "أتؤدين زكاتهن؟"، فقالت: لا، أو ما شاء الله من ذلك قال: "هن حسبك من النار" .

8297 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن حمدان الجلاب ، حدثنا أبو حاتم الرازي قال: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق قال: حدثنا يحيى بن أيوب قال: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر : أن محمد بن عمرو بن عطاء أخبره فذكره [ ص: 144 ] .

8298 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازي ، فذكره.

8299 - وكذلك قاله محمد بن هارون أبو نشيط ، عن عمرو بن الربيع ، غير أنه قال: في إسناده: محمد بن عطاء .

8300 - قال الدارقطني : ومحمد بن عطاء هذا مجهول.

8301 - قال أحمد : هو محمد بن عمرو بن عطاء ، فيما رواه أبو حاتم ، ومحمد بن عمرو بن عطاء معروف.

8302 - فمن ذهب إلى القول الأول زعم أن ذلك كان حين كان التحلي بالذهب حراما على النساء، فلما أبيح ذلك لهن سقطت منه الزكاة.

8303 - قال أحمد : وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة : إن كان ذكر الورق فيه محفوظا، غير أن رواية القاسم بن محمد وابن أبي مليكة ، عن عائشة في تركها إخراج الزكاة من الحلي، مع ما ثبت من مذهبهما إخراج الزكاة، عن أموال اليتامى، يوقع وهما في هذه الرواية المرفوعة، فهي لا تخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه إلا فيما علمته منسوخا، والله أعلم.

8304 - ومنهم من ذهب إلى أن زكاة الحلي عاريته ، وروي هذا القول، عن ابن عمر ، وابن المسيب .

8305 - والذي يرويه بعض فقهائنا مرفوعا: ليس في الحلي زكاة، لا أصل له إنما يروى، عن جابر من قوله غير مرفوع.

8306 - والذي يروى عن عافية بن أيوب ، عن الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، مرفوعا، باطل لا أصل له، وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتج به مرفوعا كان مغررا بدينه، داخلا فيما نعيب به المخالفين في الاحتجاج برواية الكذابين، والله يعصمنا من أمثاله.

[ ص: 145 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية