الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
22 - باب زكاة الثمار

[ ص: 98 ] 8122 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة" .

8123 - وبهذا الإسناد قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه، أنه قال: سمعت أبا سعيد الخدري ، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" ، قد أخرج البخاري في الصحيح روايتي مالك ، وأخرج مسلم رواية ابن عيينة [ ص: 99 ] .

8124 - قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وبهذا نأخذ، وليس يروى من وجه يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أبي سعيد الخدري .

8125 - وإذا كان قول أكثر أهل العلم به، وإنما هو خبر واحد، فقد وجب عليهم قبول خبر واحد بمثله حيث كان.

8126 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي في باب اتفقا عليه قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي : فأخذنا نحن وأنتم بهذا، وخالفنا فيه بعض الناس.

8127 - فقال: قال الله تبارك وتعالى لنبيه عليه السلام: ( خذ من أموالهم صدقة ) .

8128 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشر" .

8129 - لم يخصص الله مالا دون مال، ولم يخصص رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مالا دون مال.

8130 - فأخذت بهذا الحديث الذي يوافق كتاب الله، والقياس عليه.

8131 - وقلت: لا يكون مال فيه صدقة، وآخر لا صدقة فيه، فكل ما أخرجت الأرض من شيء، وإن حزمة بقل، ففيه العشر.

8132 - فكانت حجتنا عليه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله معنى ما أراد [ ص: 100 ] ، أبان ما يؤخذ منه من الأموال دون ما لم يرد، وأن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء عشر" جملة، والمفسر يدل على الجملة.

8133 - وقد سمعت من يحتج عنه فيقول كلاما يريد به: قد قام بالأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وأخذوا الصدقات في البلدان أخذا عاما، وزمانا طويلا، فما روي عنهم، ولا عن واحد منهم، أنه قال: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" .

8134 - ثم قال: وللنبي صلى الله عليه وسلم عهود ما هذا في واحد منها، وما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو سعيد الخدري .

8135 - قال الشافعي : فكان حجتنا عليه أن المحدث به لما كان ثقة اكتفي بخبره، ولم نرده بتأويل، ولا بأنه لم يروه غيره، ولا بأنه لم يرو، عن أحد من الأئمة بمثله اكتفاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما دونها، وبأنها إذا كانت منصوصة بينة لم يدخل عليها تأويل كتاب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بمعنى الكتاب، ولا تأويل حديث جملة يحتمل أن يوافق قول النبي صلى الله عليه وسلم المنصوص ويخالفه، وكان إذا احتمل المعنيين أن يكون موافقا له، ولا يكون مخالفا له فيه، ولم يوهنه أن لم يروه إلا واحد، عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان ثقة.

8136 - قال أحمد : قد روى أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما روى أبو سعيد الخدري [ ص: 101 ] .

8137 - وكأنه لم يبلغ الشافعي أو بلغه، فلم يعتد به، إذ لم يقو قوة إسناد أبي سعيد .

8138 - وكان يقول: أبو الزبير يحتاج إلى دعامة.

8139 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي قال: حدثنا أبو حاتم الرازي قال: حدثنا حرملة بن يحيى قال: سمعت محمد بن إدريس ، يقول: وسئل عن أبي الزبير ، فقال: يحتاج إلى دعامة.

8140 - قال أحمد : وإلى مثل هذا ذهب البخاري .

8141 - وأما مسلم بن الحجاج فإنه احتج بأبي الزبير ، وأخرج حديثه هذا في الصحيح.

8142 - وهو أهل أن يحتج به، لما ظهر من حفظه.

التالي السابق


الخدمات العلمية