الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
26 - باب صيام التطوع، والخروج منه قبل تمامه

8906 - أخبرنا أبو بكر ، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ، عن عمته عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنا خبأنا لك حيسا، فقال: "أما إني كنت أريد الصوم، ولكن قربيه" .

8907 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال: أخبرنا شافع بن محمد قال: أخبرنا أبو جعفر قال: حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان ، فذكر هذا الحديث بإسناده مثله، وزاد في آخره: "سأصوم يوما مكانه" [ ص: 336 ] .

8908 - قال المزني : سمعت الشافعي ، يقول: سمعت سفيان ، عامة مجالسته لا يذكر فيه: "سأصوم يوما مكانه" ، ثم عرضته عليه قبل أن يموت بسنة، فأجاب فيه: "سأصوم يوما مكانه" .

8909 - قال أحمد : هذا حديث قد رواه جماعة عن سفيان دون هذه اللفظة.

8910 - ورواه جماعة عن طلحة بن يحيى ، دون هذه اللفظة، منهم: سفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وعبد الواحد بن زياد ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويعلى بن عبيد ، وغيرهم. أخرجه مسلم في الصحيح، من حديث عبد الواحد وغيره دون هذه اللفظة.

8911 - واحتجاج الشافعي من الحديث وقع بخروجه من صوم التطوع قبل تمامه، ومثله لا يجوز في صوم واجب عليه وهو مقيم، وقوله: "سأصوم يوما مكانه" ، لو كان في الحديث يحتمل: إن شاء تطوع يوما مكانه، وأياما.

8912 - وجعل مثاله حديث أم سلمة في قضاء النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كان يصليهما بعد الظهر، فشغله عنهما الوفد.

8913 - واستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قل" .

8914 - وبما روي عن عمر بن الخطاب : من فاته شيء من صلاة الليل فليصله [ ص: 337 ] إذا زالت الشمس، فإنه يعدل قيام الليل، ليس أنه يجب شيء من ذلك ولا قضاؤه، ولكن يقول: من أراد أن يصلي فليفعل. وقد ذكرنا إسناده في كتاب الصلاة.

8915 - ثم ذكر الحديث الذي أخبرنا أبو بكر ، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرني سفيان ، عن أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر : "أن عمر نذر أن يعتكف في الجاهلية، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يعتكف في الإسلام" ، مخرج في الصحيحين من أوجه، عن أيوب .

8916 - قال الشافعي : وهو على هذا المعنى، والله أعلم، أنه أمره إن أراد أن يتبرر باعتكاف اعتكف.

8917 - وأخبرنا أبو بكر ، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال [ ص: 338 ] : أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم ، وهو صائم رفع إناء فوضعه على يده فشرب، والناس ينظرون، فأفطر بعض الناس، وصام بعض، فبلغه أن أناسا صاموا، فقال: "أولئك العصاة" .

8918 - وذكر أيضا حديث الدراوردي ، عن جعفر في هذه القصة، وفيها: وذلك بعد العصر، وقد مضى في هذا الكتاب.

8919 - قال الشافعي : لما كان له قبل الدخول في الصوم أن لا يدخل فيه، يعني بعذر السفر، فكان له إذا دخل فيه أن يخرج منه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتطوع أولى، وبسط الكلام في هذا واحتج في كتاب " البويطي " بحديث أم هانئ .

التالي السابق


الخدمات العلمية