الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4243 40 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس ضيعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فما يمنعك أن تخرج، فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله، وزاد عثمان بن صالح، عن ابن وهب قال: أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمر، والمعافري أن بكير بن عبد الله حدثه عن نافع، أن رجلا أتى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما، وتترك الجهاد في سبيل الله - عز وجل - وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا ابن أخي، بني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلوات الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت قال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال: فعلنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه، إما قتلوه وإما يعذبوه، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال: أما عثمان، فكأن الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه، وأما علي فابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وختنه، وأشار بيده فقال: هذا بيته حيث ترون.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للآية ظاهرة، وفيه عشرة رجال:

                                                                                                                                                                                  الأول: محمد بن بشار بفتح الباء الموحدة وتشديد الشين المعجمة، وقد تكرر ذكره.

                                                                                                                                                                                  والثاني: عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفي.

                                                                                                                                                                                  الثالث: عبيد الله بن عمر العمري.

                                                                                                                                                                                  الرابع: نافع مولى ابن عمر.

                                                                                                                                                                                  الخامس: عثمان بن صالح السهمي، وهو من شيوخ البخاري، وقد أخرج عنه في الأحكام حديثا غير هذا.

                                                                                                                                                                                  السادس: عبد الله بن وهب.

                                                                                                                                                                                  السابع: فلان، قيل: إنه عبد الله بن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء وبالعين المهملة، قاضي مصر، مات سنة أربع وتسعين ومائة، وقال البيهقي: أجمعوا على ضعفه، وترك الاحتجاج بما ينفرد به.

                                                                                                                                                                                  الثامن: حيوة بن شريح المصري، وهذا غير حيوة بن شريح الحضرمي، فلا يشتبه عليك.

                                                                                                                                                                                  التاسع: بكر بن عمرو العابد القدوة المعافري بفتح الميم وتخفيف العين المهملة وكسر الفاء وبالراء، وقيل: بضم الميم نسبة إلى المعافر بن يعفر بن مالك بن الحارث بن قرة بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان، ينسب إليه كثير، وعامتهم بمصر.

                                                                                                                                                                                  العاشر: بكير مصغر بكر، ابن عبد الله بن الأشج، ومن عثمان بن صالح إلى هنا، كلهم [ ص: 110 ] مصريون.

                                                                                                                                                                                  قوله: "رجلان" أحدهما العلاء بن عرار - بالمهملات، والأولى مكسورة، قال ابن ماكولا: علاء بن عرار سمع عبد الله بن عمر وروى عنه أبو إسحاق السبيعي.

                                                                                                                                                                                  والآخر حبان - بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة - صاحب الدثنية، ضبطه بعضهم بفتح الدال والثاء المثلثة وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف المفتوحة، وقال: هو موضع بالشام.

                                                                                                                                                                                  قلت: كل ذلك غلط.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن الأثير: الدثينة بكسر الثاء المثلثة وسكون الياء ناحية قرب عدن.

                                                                                                                                                                                  قوله: "في فتنة ابن الزبير" وهي محاصرة الحجاج عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، وكانت في أواخر سنة ثلاث وسبعين، وكان الحجاج أرسله عبد الملك بن مروان لقتال ابن الزبير، وقتل عبد الله بن الزبير في آخر تلك السنة، ومات عبد الله بن عمر في أول سنة أربع وسبعين.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إن الناس ضيعوا" بضم الضاد المعجمة وكسر الياء آخر الحروف المشددة، من التضييع وهو الهلاك في الدنيا والدين، هذه رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني بفتح الضاد المهملة والنون، وفيه حذف تقديره: صنعوا ما ترى من الاختلاف.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وزاد عثمان بن صالح" أي: زاد على رواية محمد بن بشار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أن رجلا" قيل إنه حكيم - ذكره الحميدي عن البخاري.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وتترك الجهاد" أي الجهاد الذي هو القتال مع هؤلاء كالجهاد في سبيل الله في الأجر، وليس المراد الجهاد الحقيقي الذي هو القتال مع الكفار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إما قتلوه وإما يعذبوه" إنما قال في القتل بلفظ الماضي وفي العذاب بلفظ المضارع؛ لأن التعذيب كان مستمرا بخلاف القتل.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فكرهتم أن تعفوا عنه" بلفظ خطاب الجمع، ويروى "أن يعفو" بالإفراد للغائب; أي الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وختنه" بفتح الخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق وبالنون، قال ابن فارس: الختن أبو الزوجة، وقال الأصمعي: الأختان من قبل المرأة، والأحماء من قبل الزوج، والصهر يجمع ذلك كله.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فهذا بيته" يريد بين بيوت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وأراد بذلك قربه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية