الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة " الآية، وليس عند جميع الرواة لفظ "باب" إلا أنه وقع في بعض النسخ، وعند الأكثرين إن الذين توفاهم الملائكة " إلى قوله: فتهاجروا فيها " كما هو هنا كذلك، وعند أبي ذر إلى فيم كنتم " الآية، وقال الواحدي: نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا، وأظهروا الإيمان، وأسروا النفاق، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين، فقتلوا فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم.

                                                                                                                                                                                  وقال مقاتل: كانوا نفرا [ ص: 188 ] أسلموا بمكة منهم الوليد بن المغيرة، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، وعمرو بن أمية بن سفيان بن أمية بن عبد شمس، والعلاء بن أمية بن خلف، ثم إنهم أقاموا عن الهجرة وخرجوا مع المشركين إلى بدر، فلما رأوا قلة المؤمنين شكوا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: غر هؤلاء دينهم، وكان بعضهم نافق بمكة، فلما قتلوا ببدر قالت لهم الملائكة وهو ملك الموت وحده فيم كنتم ؟ يقول: في أي شيء كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض يعني كنا مقهورين بأرض مكة لا نطيق أن نظهر الإيمان، فقال ملك الموت ألم تكن أرض الله واسعة يعني المدينة فتهاجروا فيها يعني إليها.

                                                                                                                                                                                  قوله: إن الذين توفاهم الملائكة " ذكر في تفسير ابن النقيب التوفي هنا بمعنى قبض الروح، وقال الحسن: هو الحشر إلى النار، والملائكة هنا ملك الموت وأعوانه وهم ستة: ثلاثة لأرواح المؤمنين، وثلاثة لأرواح الكافرين، وظلم النفس هنا ترك الهجرة، وخروجهم مع قومهم إلى بدر، وقيل: ظلموا أنفسهم برجوعهم إلى الكفر، وقيل: ظلموا أنفسهم بالشك الذي حصل في قلوبهم حين رأوا قلة المسلمين، وقال الثعلبي: الملائكة هنا ملك الموت وحده; لأنه مجمل يحتمل أن يراد هو ويحتمل غيره، فحمل المجمل على المفسر، وهو قوله تعالى قل يتوفاكم ملك الموت وجمع كقوله تعالى إنا نحن نحيي ونميت والله تعالى واحد.

                                                                                                                                                                                  قوله: ظالمي أنفسهم " نصب على الحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: قالوا فيم كنتم " سؤال توبيخ وتقريع، أي أكنتم في أصحاب محمد أم كنتم مشركين؟!

                                                                                                                                                                                  قوله: كنا مستضعفين " أي كنا لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض.

                                                                                                                                                                                  قوله: في الأرض " أرادوا بها مكة، والأرض اسم لبلد الرجل وموضعه.

                                                                                                                                                                                  قوله: قالوا " أي الملائكة ألم تكن أرض الله واسعة محاججة الملائكة.

                                                                                                                                                                                  قوله: فتهاجروا فيها " أي إليها، أي إلى المدينة مع المسلمين.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية