الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4256 53 - حدثني أمية بن بسطام، حدثنا يزيد بن زريع، عن حبيب، عن ابن أبي مليكة قال ابن الزبير: قلت لعثمان بن عفان: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا قال: قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا منه من مكانه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وأمية بضم الهمزة وفتح الميم، وتشديد الياء آخر الحروف ابن بسطام بن المنتشر العيشي البصري، وهو شيخ مسلم أيضا، ويزيد من الزيادة ابن زريع -مصغر زرع بفتح الزاي- وحبيب هو ابن الشهيد أبو محمد [ ص: 121 ] الأزدي الأموي البصري، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بضم الميم، واسمه زهير قاضي عبد الله بن الزبير، والحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال ابن الزبير" أي عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما.

                                                                                                                                                                                  قوله: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا " وتمامه: "وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج" الآية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فلم تكتبها" استفهام على سبيل الإنكار بمعنى: لم تكتب هذه الآية، وقد نسختها الآية الأخرى، وهي قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا والمنسوخة هي قوله: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول ".

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو تدعها" شك من الراوي، أي: فلم تدعها أي تتركها مكتوبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال يا ابن أخي" أي قال عثمان لابن الزبير: يا ابن أخي، إنما قال ذلك على عادة العرب، أو نظرا إلى أخوة الإيمان، أو لأن عثمان من أولاد قصي، وكذلك عبد الله بن الزبير.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لا أغير شيئا منه من مكانه" أي لا أغير شيئا مما كتب من القرآن، وكان عبد الله ظن أن ما نسخ لا يكتب وليس كما ظنه بل له فوائد:

                                                                                                                                                                                  الأولى: أن الله تعالى لو أراد نسخ لفظه لرفعه كما فعل في آيات عديدة، ومن صدور الحافظين أيضا.

                                                                                                                                                                                  الثانية: أن في تلاوته ثوابا كما في تلاوة غيره.

                                                                                                                                                                                  الثالثة: إن كان تثقيلا ونسخ بتخفيف عرف بتذكره قدر اللطف، وإن كان تخفيفا ونسخ بتثقيل علم أن المراد انقياد النفس للأصعب؛ لأن يظهر فيها عند ذلك التسليم والانقياد، وكان الحكم في أول الإسلام إنه إذا مات الرجل لم يكن لامرأته شيء من الميراث إلا النفقة والسكنى سنة، فالآية أعني قوله: ويذرون أزواجا وصية " أوجبت أمرين:

                                                                                                                                                                                  أحدهما: وجوب النفقة والسكنى من تركة الزوج سنة.

                                                                                                                                                                                  والثاني: وجوب الاعتداد سنة؛ لأن وجوب النفقة والسكنى من مال الميت يوجب المنع من التزويج بزوج آخر.

                                                                                                                                                                                  ثم نسخ هذان الحكمان، أما وجوب العدة في السنة فبقوله: يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " وقيل: نسخ ما زاد فيه، وأما وجوب النفقة والسكنى فمنسوخ بتقدير نصيبها من الميراث، وقيل: ليس فيها نسخ، وإنما هو نقصان من الحول.

                                                                                                                                                                                  وقال الزمخشري: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟

                                                                                                                                                                                  قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة، وهي متأخرة في التنزيل، كقوله عز وجل سيقول السفهاء مع قوله قد نرى تقلب وجهك في السماء




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية