الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4103 358 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال: الذي حفظناه من عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح [ ص: 16 ] نرصد عير قريش، فأقمنا بالساحل نصف شهر، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط فسمي ذلك الجيش جيش الخبط، فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر فأكلنا منه نصف شهر، وادهنا من ودكه حتى ثابت إلينا أجسامنا، فأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه فنصبه فعمد إلى أطول رجل معه، قال سفيان مرة: ضلعا من أضلاعه فنصبه، وأخذ رجلا وبعيرا فمر تحته، قال جابر: وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم إن أبا عبيدة نهاه، وكان عمرو يقول: أخبرنا أبو صالح أن قيس بن سعد قال لأبيه: كنت في الجيش فجاعوا، قال: انحر. قال: نحرت. قال: ثم جاعوا قال: انحر. قال: نحرت. قال: ثم جاعوا قال: انحر. قال: نحرت، ثم جاعوا قال: انحر. قال: نهيت.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر من حديث جابر، وسفيان هو ابن عيينة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ثلاثمائة راكب) بالنصب بدل من قوله: بعثنا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أميرنا أبو عبيدة) جملة اسمية وقعت حالا بدون الواو كما في "كلمته فوه إلى في".

                                                                                                                                                                                  قوله: (الخبط) بفتح الخاء المعجمة، والباء الموحدة، وهو ورق السلم يقال: خبطت الشجرة إذا ضربتها بالعصا ليسقط من ورقها، وفي رواية أبي الزبير: وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، وهذا يدل على أنه كان يابسا، ويرد بهذا ما قاله الداودي إنه كان رطبا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (نصف شهر) سيأتي ثمان عشرة ليلة، وفي رواية أبي الزبير: فأقمنا عليها شهرا، والجمع بين هذه الروايات أن الذي قال "ثمان عشرة" ضبط ما لم يضبطه غيره، وأن من قال "نصف شهر" ألغى الكسر الزائد، وهو ثلاثة أيام، ومن قال "شهرا" جبر الكسر أو ضم بقية المدة التي قبل وجدانهم الحوت إليها، ورجح النووي رواية أبي الزبير لما فيها من الزيادة، وقال ابن التين : إحدى الروايتين في البخاري وهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (من ودكه) بفتح الواو، والدال المهملة، وهو من اللحم والشحم ما يتحلب منه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي: من أعضائه، والصواب هو الأول؛ لأن سفيان قال مرة ضلعا من أعضائه، فدل على أن الرواية الأولى من أضلاعه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وثابت) بالثاء المثلثة أي رجعت أجسامنا إلى ما كانت عليه من القوة والسمن.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر) أي عندما جاعوا، والجزائر جمع جزور، وهو البعير ذكرا كان أو أنثى إلا أن اللفظة مؤنثة، تقول: هي الجزور وإن أردت ذكرا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وكان عمرو) هو ابن دينار، وأبو صالح ذكوان السمان.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أن قيس بن سعد) إلى آخره مرسل؛ لأن عمرو بن دينار لم يدرك زمان تحديث قيس لأبيه، لكنه في مسند الحميدي موصول، أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه، ولفظه عن أبي صالح عن قيس بن سعد بن عبادة قال: قلت لأبي وكنت في ذلك الجيش جيش الخبط فأصاب الناس جوع قال لي: انحر. قلت: نحرت. فذكره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (نهيت) على صيغة المجهول، والناهي هو أبو عبيدة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية