الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3808 - وقال أبو يعلى : حدثنا محمد بن يزيد بن رفاعة أبو هشام الرفاعي ، ثنا إسحاق بن سليمان ، ثنا معاوية بن يحيى الصدفي ، عن الزهري ، أنا خارجة بن زيد قال : إن أسامة بن زيد بن حارثة - رضي الله عنه - ، حدثه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حجها ، فلما هبطنا بطن الروحاء ، عارضت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لها صبي ، فسلمت عليه صلى الله عليه وسلم ، فوقف لها ، فقالت : يا رسول الله ، هذا ابني فلان ، والذي بعثك بالحق ، ما زال في حنق واحد منذ ولدته إلى الساعة - أو كلمة تشبهها - فأكسع إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبسط يده ، فجعله بينه وبين الرحل ، ثم تفل صلى الله عليه وسلم في فيه ، ثم قال : اخرج عدو الله ، فإني رسول الله ثم ناولها صلى الله عليه وسلم إياه ، فقال : خذيه ، فلن تري معه شيئا يريبك بعد اليوم إن شاء الله تعالى . قال أسامة - رضي الله عنه - : وقضينا حجتنا ، ثم [ ص: 531 ] انصرفنا ، فلما نزلنا بالروحاء ، فإذا تلك المرأة أم الصبي ، فجاءت ، ومعها شاة مصلية ، فقالت : يا رسول الله ، أنا أم الصبي الذي أتيتك به ، قالت : والذي بعثك بالحق ما رأيت منه شيئا يريبني إلى هذه الساعة ، قال أسامة - رضي الله عنه - : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أسيم - قال الزهري : وهكذا كان يدعو به تحشمة - ناولني ذراعها ، قال : فامتلخت الذراع ، فناولته إياها صلى الله عليه وسلم ، فأكلها صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : يا أسيم ، ناولني الذراع ، فامتلخت الذراع ، فناولته إياها ، فأكلها صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : يا أسيم ، ناولني الذراع ، فقلت : يا رسول الله ، إنك قد قلت : ناولني ، فناولتكها ، فأكلتها ، ثم قلت : ناولني ، فناولتكها فأكلتها ، ثم قلت : ناولني الذراع ، وإنما للشاة ذراعان ، فقال صلى الله عليه وسلم : أما إنك لو أهويت إليها ما زلت تجد فيها ذراعا ما قلت لك ، قال صلى الله عليه وسلم : يا أسيم ، قم ، فاخرج ، فانظر هل ترى مكانا يواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فخرجت ، فمشيت حتى حسرت ، وما قطعت [ ص: 532 ] الناس ، وما رأيت شيئا أرى أنه يواري أحدا ، وقد ملأ الناس ما بين السدين ، فأخبرته ، فقال صلى الله عليه وسلم : فهل رأيت شجرا ، أو رجما ؟ قلت : بلى ، قد رأيت نخلات صغارا ، إلى جانبهن رجم من حجارة فقال صلى الله عليه وسلم : يا أسيم ، اذهب إلى النخلات ، فقل لهن : يأمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحق بعضكن ببعض ; حتى تكن سترة لمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقل كذلك للرجم ، فأتيت النخلات ، فقلت لهن الذي أمرني به صلى الله عليه وسلم ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر تفاقرهن بعروقهن وترابهن ، حتى لصق بعضهن ببعض ، فكن كأنهن نخلة واحدة ، وقلت ذلك للحجارة ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تفاقرهن حجرا حجرا حتى علا بعضهن بعضا ، فكن كأنهن جدار .

                                                                                        [ ص: 533 ] فأتيته صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال صلى الله عليه وسلم : خذ الإداوة فأخذتها ، ثم انطلقنا نمشي ، فلما دنونا منهن سبقته صلى الله عليه وسلم ، فوضعت الإداوة ، ثم انصرفت إليه ، فانصرف صلى الله عليه وسلم حتى قضى حاجته ، ثم أقبل عليه الصلاة والسلام وهو يحمل الإداوة ، فأخذتها منه صلى الله عليه وسلم ، ثم رجعنا ، فلما دخل صلى الله عليه وسلم الخباء قال صلى الله عليه وسلم : يا أسيم ، انطلق إلى النخلات ، فقل لهن : يأمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجع كل نخلة إلى مكانها ، وقل ذلك للحجارة فأتيت النخلات ، فقلت لهن ، قال : فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تفاقرهن وترابهن ، حتى عادت كل نخلة إلى مكانها ، وقلت ذلك للحجارة ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تفاقرهن حجرا حجرا ، حتى عاد كل حجر إلى مكانه ، فأتيته صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته بذلك
                                                                                        .

                                                                                        هذا إسناد حسن ، ومعاوية بن يحيى الصدفي ضعيف ، ولكن لحديثه شاهد من طريق يعلى بن مرة ، أخرجه أحمد وغيره .

                                                                                        [ ص: 534 ] [ ص: 535 ] [ ص: 536 ] [ ص: 537 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية