الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3900 - قال ابن أبي عمر ، حدثنا ثمامة بن عبيدة العبدي ، عن أبي الزبير ، عن جابر - رضي الله عنه - ، قال : لما طعن عمر - رضي الله عنه - ، دخلنا عليه ، وهو يقول : لا تعجلوا إلى هذا الرجل ، فإن أعش رأيت فيه رأيي ، وإن أمت فهو إليكم ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنه والله قد قتل وقطع ، قال - رضي الله عنه - : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم قال - رضي الله عنه - : ويحكم ، من هو ؟ قالوا : أبو لؤلؤة ، قال - رضي الله عنه - : الله أكبر ، ثم نظر - رضي الله عنه - إلى ابنه عبد الله - رضي الله عنه - ، فقال : أي بني ، أي والد كنت لك ؟ قال : خير والد ، قال - رضي الله عنه - : فأقسم عليك لما احتملتني حتى تلصق خدي بالأرض ، حتى أموت كما يموت العبد ، فقال عبد الله - رضي الله عنه - : والله ، إن ذلك ليشتد علي يا أبتاه ، قال : ثم قال : قم ، فلا تراجعني ، قال : فقام فاحتمله ، حتى ألصق خده بالأرض ، ثم قال - رضي الله عنه - : يا عبد الله ، أقسمت عليك بحق الله تعالى وحق عمر ، إذا مت فدفنتني ، لما لم تغسل رأسك حتى تبيع من رباع آل عمر بثمانين ألفا ، فتضعها في بيت مال المسلمين ، فقال عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وكان عند رأسه : يا أمير المؤمنين ، وما قدر هذه الثمانين ألفا ، قد أضررت بعيالك ، أو بآل عمر ؟

                                                                                        [ ص: 780 ] قال - رضي الله عنه - : إليك عني يا ابن عوف ، فنظر إلى عبد الله - رضي الله عنه - ، فقال : يا بني ، واثنين وثلاثين ألفا أنفقتها في اثنتي عشرة حجة حججتها في ولايتي ، ونوائب كانت تنوبني في الرسل ، تأتيني من قبل الأمصار ، فقال له عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - : يا أمير المؤمنين ، أبشر وأحسن الظن بالله تعالى ، فإنه ليس أحد منا من المهاجرين ، إلا وقد أخذ مثل الذي أخذت من الفيء الذي قد جعله الله تعالى لنا ، وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ، وقد كانت لك معه صلى الله عليه وسلم سوابق فقال - رضي الله عنه - : يا ابن عوف ، ود عمر أنه لو خرج منها كما دخل فيها ، إني أود أن ألقى الله تعالى ، فلا تطلبوني بقليل ولا كثير
                                                                                        .

                                                                                        * ثمامة تكلم فيه علي بن المديني وغيره ، وسياق قصة عمر - رضي الله عنه - في الصحيحين ليس فيها غالب هذا المذكور هنا .

                                                                                        [ ص: 781 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية