الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 516 ] 3 - باب إنصافه من نفسه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                        3804 - قال عبد : حدثنا عبيد الله بن موسى ، ثنا أبو جعفر الرازي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، قال : كان رجل من المهاجرين ضعيفا ، وكانت له حاجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأراد أن يلقاه على خلاء ، فيبدي له حاجته ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معسكرا بالبطحاء ، وكان يجيء من الليل ، فيطوف بالبيت ، حتى إذا كان في وجه الفجر رجع ، فصلى بأصحابه صلاة الغداة .

                                                                                        قال : فحبسه الطواف ذات ليلة حتى أصبح ، فلما استوى صلى الله عليه وسلم على راحلته ، عرض له الرجل ، فأخذ بخطام ناقته ، فقال : يا رسول الله ، إن لي إليك حاجة فقال صلى الله عليه وسلم : إنك ستدرك حاجتك فأبى ، فلما خشي أن يحبسه ، خفقه بالسوط خفقة ، ثم مضى ، فصلى بهم صلاة الغداة .

                                                                                        [ ص: 517 ] فلما انفتل أقبل صلى الله عليه وسلم بوجهه على القوم - وكان إذا فعل ذلك عرفوا أنه حدث أمر - فاجتمع القوم حوله ، فقال صلى الله عليه وسلم : أين الذي خفقت آنفا ؟ فأعادها : إن كان في القوم فليقم ، قال : فجعل الرجل يقول : أعوذ بالله ثم برسوله ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ادنه ادنه ، حتى دنا منه ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، وناوله السوط ، فقال : خذ بمجلدك ، فاقتص ، فقال : أعوذ بالله أن أجلد نبيه ، قال صلى الله عليه وسلم : خذ بمجلدك ، فما بأس عليك ، قال : أعوذ بالله أن أجلد نبيه ، قال صلى الله عليه وسلم : إلا أن تعفو ، قال : فألقى السوط ، وقال : قد عفوت يا رسول الله .

                                                                                        فقام أبو ذر ، فقال : يا رسول الله ، تذكر ليلة العقبة ؟ كنت أسوق بك ، وكنت نائما ، وكنت إذا أبطأت ، وإذا أخذت بخطامها ، أعرضت ، فخفقتك خفقة بالسوط ، فقلت : قد أتاك القوم ، فقلت : لا بأس عليك .

                                                                                        خذ يا رسول الله ، فاقتص ، قال صلى الله عليه وسلم : قد عفوت قال : اقتص ; فإنه [ ص: 518 ] أحب إلي ، فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فلقد رأيته يتضور منها ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : أيها الناس ، اتقوا الله ، فوالله لا يظلم مؤمن مؤمنا ، إلا انتقم الله تعالى له منه يوم القيامة .

                                                                                        [ ص: 519 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية