وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز كما هو مذهب إهداء ثواب العبادات البدنية إلى موتى المسلمين، أحمد وطائفة من أصحاب وأبي حنيفة مالك فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك، وقال أكثر أصحاب والشافعي، مالك إنما يشرع ذلك في العبادات المالية كالصدقة والعتق ونحو ذلك دون العبادات البدنية، بناء على أن هذه تقبل النيابة ويجوز التوكيل فيها بخلاف تلك، والأولون يقولون: هذا ثواب ليس من باب النيابة، كما أن الأجير الخاص ليس له أن يستنيب عنه، وله أن يعطي أجرته لمن شاء. وأصحاب والشافعي: من أبعد الناس عن الاستنابة في الصيام ونحوه، وجوزوا مع هذا إهداء الثواب، والنيابة إنما تجوز في مواضع مخصوصة بخلاف الإهداء. [ ص: 200 ] أبي حنيفة
ومن احتج على منع الإهداء بقوله: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فهو مبطل لتواتر النصوص واتفاق الأئمة على أن الإنسان قد ينتفع بعمل غيره، والآية إنما نفت الاستحقاق لسعي الغير لم تنف الانتفاع بسعي الغير، والفرق بينهما بين، ومع هذا فلم يكن من عادات السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا أو قرأوا القرآن أن يهدوا ثواب ذلك إلى موتى المسلمين بل ولا بخصوصهم، بل كان من عاداتهم كما تقدم، فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل. وقد بسطنا الجواب في في جواب كبير، وبينا أنه ليس بمشروع، وذكرنا ما يتعلق بذلك من الحكم والمعاني، والله أعلم. [ ص: 201 ] الإهداء للنبي صلى الله عليه وسلم